منها و المناسك هنا أفعال الحج لأنها ينسك بها للّهفَاذْكُرُوا
اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ان من عادة الناس و خصوص
العرب ان لا يغيب آباؤهم عن ذكرهم بالافتخار بهم و الإطراء بمحاسنهم و إحسانهم أو
القسم بهم و نحو ذلك. فالمعنى العام في الآية ان لا تغفلوا عن ذكر اللّه بعد أداء
المناسك. و اولى ما يحتج عليهم في ذلك هو انهم لا يغفلون عن ذكر آبائهم إذن فكيف
يغفلون عن ذكر اللّه بما هو اهله و هو الإله العظيم و له المجد و الجلال و هو
خالقهم و كل نعمة عليهم حتى التي من آبائهم هي منه جلت آلاؤه. بل ينبغي ان يكون
ذكرهم للّه أشد من ذكر الآباء بنحو يناسب جلال اللّه و نعمائه. و جاء في التفسير
في الروايات ببيان بعض المصاديق العادية في ذكرهم لآبائهم.
ففي صحيحة الكافي عن منصور بن حازم عن الصادق (ع) كانوا إذا أقاموا
بمنى بعد النحر تفاخروا فقال الرجل منهم كان أبي كذا و كذا فقال اللّهفَإِذا
قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ. و نحوها ما رواه العياشي عن الباقر (ع) و الصادق (ع) و جملة مما
رواه في الدر المنثور.
هذا و ان ذكر اللّه حق الذكر يساوق ملازمة التقوى و لكن احوال الناس
مختلفة يكونون فيها على اصناف ذكر في الآيات بعضهافَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا و قد اعرض عن الآخرة و
نسيهاوَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ أي من نصيب لأنه أعرض عنها
و لم يعمل لها و لم يسأل شيئا من خيرها