مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ و يوفكم جزاءكم و هو
العليم الذي لا يضيع أجر المحسنينوَ تَزَوَّدُوا من تقوى اللّه و الأعمال
الصالحة. و الزاد ما يعد من الطعام لحاجة السفر كني به هنا عن الاستعداد للآخرةفَإِنَّ خَيْرَ
الزَّادِ
مما يعتني الإنسان بتزوّده و بعدّه لضرورته و يراه واجبا لازما
لحاجته إنما هوالتَّقْوى للّه و العمل بأوامره و نواهيه. و لعمري ان التفريع بالفاء ليوضح
الرد لما ذكر في تفسير الآية من ان قوما كانوا يرمون أزوادهم و يتسمون بالمتوكلين
فقيل لهم تزودوا من الطعام و لا تلقوا كلكم على الناس. و لئن ذكرت بذلك رواية عن
ابن عباس و غيره كما أحصاه في الدر المنثور فإن عرضها على كتاب اللّه في تفريع
الآية بالفاء يعرّفك و هاهناوَ اتَّقُونِ عطف تفسير على تزودوا
فائدته البيان و التأكيديا أُولِي الْأَلْبابِ الذين يعرفون بعقولهم حاجتهم
إلى التزود بالأعمال الصالحة و وجوب تقوى اللّه و ما للتقوى من فضل الغاية العظمى
في تفسير البرهان عن تفسير العياشي عن الصادق (ع) في تفسير الآية
قوله (ع)
يعني الرزق فإذا أحل الرجل من إحرامه و قضى نسكه فليشتر و ليبع
انتهى.
و يكون وجه المناسبة في السياق في هذه الجملة هو الاستدراك و رفع ما
يتوهم بسبب تحريم الرفث و الجدال و الأمر بالتقوى و الحث عليها فلا بأس في ان
يكتسب ما هو زائد نوعا عما أعد من المال لسفر الحج. و روى في ذلك و نحوه في الدر
المنثور عدة أحاديث.
و في التبيان روى عن أبي جعفر (ع) قال لا جناح عليكم ان
تبتغوا فضلا من ربكم معناه ان تطلبوا المغفرة. و في مجمع البيان
رواه جابر عن أبي جعفر (ع).
و لعل ذكر المغفرة باعتبار انها المصداق الأهم لنوع الإنسان مما
يبتغي حينئذ من اللّه. و وجه المناسبة في السياق هو انه بعد الترغيب في التقوى و
ملازمة الحدود في الواجبات و المحرمات اقتضى اللطف ان يرغب في الازدياد من الخير و
منه طلب المغفرة بأسبابها فجرى الترغيب بنحو الاحتجاج بثبوت المقتضي و عدم المانع
فإن المقتضي لابتغاء الفضل من اللّه بديهي عند العقل و العقلاء و ليس في ذلك مانع
و لا على المبتغي جناح. و اي جناح عليه في ذلك فابتغوه و اغتنموا فيه الفرصفَإِذا