المسلمين و يصرفوهم عن دينهم بالعذاب مرة و بالقتال أخرىوَ الْفِتْنَةُ و صرف المؤمنين عن دينهم و
اضلالهمأَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ضررا على نوع الإنسان فإن
الضال المضل جرثومة فساد في الأرض كما قال جلّ اسمه في سورة البروجإِنَّ الَّذِينَ
فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ
جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِوَ لا
تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ و يشمل التحريم مكة و ما
هو حريم للمسجدحَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ أي في حرمه بقرينة قوله
تعالى عند المسجدفَإِنْ قاتَلُوكُمْ عند المسجدفَاقْتُلُوهُمْ
كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ في اعتدائهم و هتكهم لحرمة المسجد الحرام
190فَإِنِ انْتَهَوْا قيل انتهوا عن كفرهم
بالتوبة و الإسلام. و يحتمل أن يكون المراد فإن انتهوا عن قتالكم فاغفروا لهم نحو
قوله تعالى في سورة الأنفالوَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهافَإِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 191 وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ
في التبيان الفتنة الشرك و هو المروي عن أبي جعفر
أقول و لعله باعتبار انه يسبب الافتتان إذ يسبب الضلال و يصرف عن
الحق كقوله تعالى في سورة المائدةوَ احْذَرْهُمْ
أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَوَ يَكُونَ
الدِّينُ لِلَّهِ أي على الحقيقة المعقولة منه ليس فيه كفر و لا شرك و لا عبادات او
ثانية و لا شرائع أهواء جاهلية فإن الدين في هذا المقام و أمثاله عبارة عن روابط
الإنسان مع مقام الإلهية من حيث الاعتقاد بما يرجع للإله و رسله و كتبه و عبادته و
الطاعة و الشريعةفَإِنِ انْتَهَوْا في التبيان و مجمع البيان
أي امتنعوا عن الكفر و أذعنوا للإسلام و يحتمل الانتهاء عن قتال المسلمينفَلا عُدْوانَ عن حد السلمإِلَّا عَلَى
الظَّالِمِينَ المعتدين. و في التبيان و البيان ان هذه الآية مؤكدة لمضمون الآية
الأولى لا ناسخة لقيودها في القتال. و هذا هو الظاهر من سياق الآيات مع قوله تعالى
192الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ فمن قاتل المسلمين في شهر
حرام قاتله المسلمون في شهر حرام كما ان من قاتلهم عند المسجد الحرام قاتلوه فيهوَ الْحُرُماتُ
قِصاصٌ فإذا كان المشركون في