و جاء قوله تعالىفَاسْتَبِقُوا متعدّيا الى المفعول بنفسه
هاهنا و في آية الانعام و في سورة يوسفوَ اسْتَبَقَا
الْبابَ
و في سورة يسفَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ و لو كانت بمعنى الاستباق
و طلب السبق بكسر السين لوجب تعديتها بإلى. و النصب بنزع الخافض في مثل المقام
بعيد من كرامة القرآن في عربيته و فصاحته. فالوجه انها في هذه الموارد من طلب
السبق بفتح السين و الباء و هو ما يحصله السابق بسبقه و منه السبق المجعول في رهان
المسابقة و في جعل الخيرات و الباب و الصراط في الآيات سبقا بفتح السين و الباء
كناية لطيفة عن انه هو الغاية المطلوبة و الفائدة المقصودة في المسابقة و حاصل المعنى
و اللّه العالم لكل أمة شريعة أمرت باتباعها و قد نسخ بعض الشرائع فسارعوا الى
الحق و اطلبوا ان تكون خيرات الأحكام و هي التي لم تنسخ و جاء بها الكتاب الذي
يهدي للتي هي أقوم هذه اطلبوها سبقا لكم و الغاية الشريفة من مسارعتكم و ما هي إلا
شريعة رسول اللّه و القرآن الكريم. و من ذلك
و أهم مصاديق الخيرات هي الولاية كما عن الكافي عن
الباقر «ع»
كما في آيةإِنَّما وَلِيُّكُمُ. و حديثي الغدير. و الثقلين و غير ذلك.أَيْنَ ما
تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ و باعتبار السياق يكون المعنى ان يجمعكم يوم القيامة للحساب و الجزاء
من عذاب او نعيم و لا يعجز اللّه حشركم و جمعكم فإنه يأتي بكم أينما تكونوا. و اما
باعتبار عموم اللفظ و كثرة مصاديقه فقد روى في تفسير البرهان نحو اثنتي عشر رواية
عن الأئمة «ع» انهم استشهدوا بالآية لجمع اللّه اصحاب الحجة المنتظر من أطراف الأرض
الى النهوض مع الحجة عليه السلام.
و للتأكيد في امر استقبال الكعبة في الصلاة و عمومه في جميع الأحوال
سفرا و حضرا قال اللّه تعالى 147وَ مِنْ حَيْثُ
خَرَجْتَ
سواء كان الخروج من مكة الى المدينة او من المدينة الى الشام بحيث
يكون الوجه في المسير الى بيت المقدس على الانحراف اليسير او الاستقامة ام كان الى
جهة مكة او المشرق او المغربفَوَلِّ وَجْهَكَ في جميع هذه الأحوال و
جميع الجهاتشَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ نحوهوَ إِنَّهُ اي التوجه الى المسجد
الحرام في الصلاة على الإطلاق المنصوص عليهلَلْحَقُّ
مِنْ امررَبِّكَ و شريعته الجارية على الحكمة و كرامة البيت و ان اللّه لا يضيع اجركم
في امتثال امرهوَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 148 وَ مِنْ حَيْثُ
خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ