أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ خاصة بهم بحسب اقتراحهم
عتوّا و استكبارا كما حكاه اللّه عنهم في سورة الاسراء المكية من قوله تعالى 92-
96وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ
يَنْبُوعاً
إلى قوله تعالىحَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُكَذلِكَ قالَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ في الاقتراح الفاسد مع
انهم شاهدوا ما تقتضيه الحكمة من الآيات و الدلائل حيث قال اليهودلَنْ نُؤْمِنَ
لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً و ذلك بعد ما رأوا الدلائل
على رسالة موسى كآية العصا و شق البحرتَشابَهَتْ
قُلُوبُهُمْ
في الضلال و الكفر بالآيات البينات. و لو جرت الآيات على حسب اقتراح
المقترحين من المنهمكين بالضلال و المماراة لخرجت عن كونها آيات بل صارت بذلك
أمورا عادية لا تقوم بها حجة فضلا عن ان كثيرا منهم يطلب المستحيل عقلا كقول بني
إسرائيللَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً و هل الآيات إلا ما تقتضيه
الحكمة بحسب حال المدعوين إلى الإيمان مما يفيد اليقين و تقوم بالحجة و قد جاء
رسول اللّه «ص» بذلك على أحسن وجهقَدْ بَيَّنَّا
الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ بما يوجب اليقين بدلالته الكافية و لا يمارون فيها بعناد الضلال و
تحكم الأهواء فقد نزل القرآن معجزا على ما تقتضيه الحكمة من وجوه عديدة فاستنار
بيقينه الموقنون و قطع المعاذير على الجاحدين و المرتابين إذ تحداهم بالإتيان بعشر
سور او سورة من مثله. قلت و قد أشير إلى شيء من ذلك في الفصل الأول من المقدمة و
لا تأس يا رسول اللّه من قول هؤلاء
117إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ
بَشِيراً
للمؤمنين بما أعد لهم من النعيموَ نَذِيراً بما أعد للكافرين و
المعاندين من العذاب و الهوانوَ لا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ الذين استحقوها بسوء
اختيارهم 118وَ لَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ حتى تتبع ملتهم و حذف ذلك
لدلالة قوله تعالىوَ لَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ اني اتبع الهدى و اين منه
اهواؤكم و تقليدكم فيها وإِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ
أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ بدين الحق و ضلال هؤلاء
فيما هم عليه اذنما لَكَ و لا لكل احد قامت