كان نزولها قبل تحويل القبلة الى الكعبة فهي مخصصة من أول نزولها
بالتوجه في الفريضة الى جهة خاصة و كانت إذ ذاك جهة بيت المقدس لأن صلاة الرسول
إليها كان من أول وروده الى المدينة: و ما عشت أراك الدهر عجبا: فقد نشأ في بدع
قوم في عصورنا يمنعون و يضربون من يتوجه في مسجد الرسول الأكرم عند دعائه و
استشفاعه بالرسول الى جهة قبره الشريف في ناحية المشرق كأنّ اللّه لم ينزل الآية
المتقدمة و لم يعرفوا من العادة ان المستشفع يقدم شفيعه بين يديه. و يحكم اللّه و
هو خير الحاكمين
114وَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ
وَلَداً و القائل بذلك النصارى بل و غيرهم ممن أخذوا عنه كاليونان و غيرهم و
البراهمة و البوذيين إذ جعلوا زعماء ديانتهم آلهة مولودين من اللّهسُبْحانَهُ تنزيها و تعظيما له عن
ذلكبَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و الكل سواء في انهم
مخلوقون للّه و للّه و ملكهكُلٌّ لَهُ قانِتُونَ ذكروا من معاني القنوت
الخشوع و الطاعة أي خاشعون او مطيعون بالانقياد لخالقيته و قدرته و إلهيته فأين الولدية
و الإلهية من المخلوق و جاء قانتون بالجمع المذكر السالم تغليبا 115بَدِيعُ مبالغة في مبدع أي منشئ و
مخترعالسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا باحتذاء مثال قبلهاوَ إِذا قَضى
أَمْراً أي خلق و صنع كقوله تعالى في سورة فصلتفَقَضاهُنَّ
سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ و قول أبي ذويب
«و عليهما مسرودتان قضاهما
داود
او صنع السوابغ تبع»
و الأمر الشيء او الحادثفَإِنَّما
يَقُولُ لَهُ كُنْ أي لا يحتاج الى تمهيد مقدمات و معدات يحتاج إليها وجوده و يمتنع
بدونها. بل الأشياء طوع ارادته يريد فيكون و قوله تعالىيَقُولُ لَهُ
كُنْ إنما هو كناية عن ارادته بما يظهر به الناس إرادتهم و هو أمرهمفَيَكُونُ تفريع علىيَقُولُ و ليس جزاء لقوله تعالىكُنْ لأن الكون بعد الفاء هو
نفس الكون المأمور به لأجزائه المترتب عليه و توهم انه جزاء لذات الطلب او للكون
مع الطلب مدفوع بأنه لو صح لوجب أن ينصب قوله تعالىفَيَكُونُ 116وَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ بمواقع حكمة اللّه و حجته
و دلالة آياتهلَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ لو لا هنا بمعنى هلا للعرض
و الطلب و المراد تكليمه لهم بخصوصهم