responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 4  صفحة : 345

أين السيوف التي قد كنت اقطعها * أين السوابق أين البيض والأسل يا ويح خالك بل يا ويح كل فتى * مع كل هذا تخطى نحوك الأجل الروميات قد عرفت أن أبا فراس أسر مرتين ولبث في الأسر الثاني أربع سنين وقد نظم في الأسر عدة قصائد هي من غرر شعره. ولا ريب أن الأسر اثر في نفس أبي فراس رقة زيادة على ما فيها. واسر وهو جريح بسهم بقي نصله في فخذه فاجتمع عليه مع الأسر والجراح طول المدة وتأخير سيف الدولة مفاداته وفرط الحنين إلى أهله واخوانه فلا جرم أن تصدر قصائده وهو أسير عن قلب شجي ونفس رقيقة متألمة فتزداد رقة ولطافة وسلاسة وتؤثر في النفوس تأثيرا محزنا يكاد يبكي سامعها وتعلق بالحفظ لسلاستها وربما هاجت به عاطفة الحماسة في هذه الحال فيخرج بشعره إلى التحمس الفائق فأن ما هو فيه لم يكن لينسيه سوابقه في الامارة والحروب ولم يكن ليفقده كبر النفس وعلو الهمة والصفات الغريزية التي فيه من هذا القبيل لذلك كانت رومياته مطبوعة بطابع يميزها عن باقي شعره. في اليتيمة قد أطلت عنان الاختيار من محاسن شعر أبي فراس (وما محاسن شئ كله حسن) وذلك لتناسبها وعذوبة مشاعرها ولا سيما الروميات التي رمى بها هدف الاحسان وأصاب شاكلة الصواب ولعمري انها كما قرأته لبعض البلغاء لو سمعتها الوحش لانست أو خوطبت بها الخرس لنطقت أو استدعي بها الطير لنزلت اه‌.
ونحن نورد هنا رومياته كلها عدا ما مر منها في تضاعيف ما تقدم.
مراسلته سيف الدولة من الأسر وقال أول ما أسر يسأل سيف الدولة المفاداة:
دعوتك للجفن القريح المسهد * لدي وللنوم القليل المشرد وما ذاك بخلا بالحياة وانها * لأول مبذول لأول مجتدي وما الأمر مما ضقت ذرعا بحمله * وما الخطب الا أن أقول له ازدد وما زال عني ان شخصا معرضا * لنيل الردى إن لم يصب فكأن قد ولكنني اختار موت بني أبي * على سروات الخيل غير موسد نضوت على الأيام ثوب جلادتي * ولكنني لم انض ثوب التجلد وما انا الا بين امر وضده * يجدد لي في كل يوم مجدد فمن حسن صبر بالسلامة واعد * ومن ريب دهر بالردى متوعد اقلب طرفي بين خل مكبل * وبين صفي بالحديد مصفد دعوتك والأبواب ترتج دوننا * فكن خير مدعو لأكرم مجتدي ومثلك من يدعى لكل عظيمة * ومثلي من يفدي بكل مسود أناديك لا اني أخاف من الردى * ولا أرتجي تأخير يوم إلى غد وقد حطم الخطي واخترم العدى * وفلل حد المشرفي المهند وآنفت موت الذل في دار غربة * بأيدي النصارى الغلف ميتة اكمد فلا تقعدن عني وقد سيم فديتي * فلست عن الفعل الكريم بمقعد وكم لك عندي من اياد وانعم * رفعت بها قدري وأكثرت حسدي تشبث بها أكرومة قبل فوتها * وقم في خلاصي صادق العزم واقعد فان مت بعد اليوم عابك مهلكي * معاب الزراريين مهلك معبد [1] هم عضلوا عنه الفداء وأصبحوا * يهزون أطراف القريض المقصد ولم يك بدعا هلكه غير أنهم * يعابون إذ سيم الفداء فما فدي فلا كان كلب الروم أرأف منكم * وارغب في كسب الثناء المخلد ولا بلغ الأعداء أن يتناهضوا * وتقعد عن هذا العلاء المشيد أأضحوا على أسراهم بي عودا * وأنتم على أسراكم غير عود متى تخلف الأيام مثلي لكم فتى * شديدا على الباساء غير ملهد [2] متى تخلف الأيام مثلي لكم فتى * طويل نجاد السلف رحب المقلد فما كل من شاء المعالي ينالها * ولا كل سيار إلى المجد يهتدي فان تفقدوني تفقدوا شرق العدا * واسرع عواد إليهم معود وإن تفقدوني تفقدوا لعلاكم * فتى غير مردود السنان ولا اليد يدافع عن أحسابكم بلسانه * ويضرب عنكم بالحسام المهند أقلني أقلني عثرة الدهر انه * رماني بسهم صائب النصل مقصد ولو لم تثق نفسي بمولاي لم أكن * لأوردها في نصره كل مورد ولا كنت القى الألف زرقا عيونها * بسبعين فيها كل اشأم أنكد ولا وأبي ما ساعدان كساعد * ولا وأبي ما سيدان كسيد وانك للمولى الذي بك اقتدي * وأنت الذي أهديتني كل مقصد وأنت الذي بلغتني كل غاية * مشيت إليها فوق أعناق حسدي فيا ملبسي النعمى التي جل قدرها * لقد اخلقت تلك الثياب فجدد ألم تر اني فيك صافحت حدها * وفيك شربت الموت غير مصرد يقولون جانب عادة ما عرفتها * شديد على الإنسان ما لم يعود فقلت اما والله لا قال قائل * شهدت له في الخيل الأم مشهد ولكن سألقاها فاما منية * هي الظن أو بنيان عز مؤبد ولم أدر أن الدهر من عدد العدا * وإن المنايا السود ترمين عن يد بقيت على الأيام تحمي بنا الردى * ويفديك منا سيد بعد سيد بقيت ابن عبد الله ما ذر شارق * تروح إلى العز المبين وتغتدي بعيشة مسعود وأيام سالم * ونعمة مغبوط ومال مجدد ولا يحرمني الله قربك انه * مرادي من الدنيا وحظي ومقصدي ومن رومياته هذه القصيدة التي جمعت الغزل والحماسة والحكم وصفة اسره وتعليم الاباء وعزة النفس وغير ذلك مع كونها من غرر الشعر وهي ناقصة في الديوان المطبوع فلذلك أوردناها بتمامها، وقد قالها حينما بلغه أن الروم قالوا ما أسرنا أحدا ولم نسلب سلاحه غير أبي فراس وهي:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر * اما للهوى نهي عليك ولا امر بلى انا مشتاق وعندي لوعة * ولكن مثلي لا يذاع له سر إذا الليل اضواني بسطت يد الهوى * وأذللت دمعا من خلائقه الكبر تكاد تضئ النار بين جوانحي * إذا هي أذكتها الصبابة والفكر معللتي بالوصل والموت دونه * إذا مت عطشانا فلا نزل القطر


[1] هو معبد بن زرارة كان اسره عامر والطفيل ابنا مالك بن جعفر بن كلاب في بعض الوقائع فوفد عليهما اخوه لقيط بن زرارة فبذل لهما مائتي بعير في فدائه فقال له أنت سيد الناس وأخوك سيد مضر فلا نقبل الا دية ملك فقال إن أبانا أوصانا أن لا نزيد في الدية على مائتي بعير فقال له معبد لا تدعني فلئن تركتني لا تراني بعدها ابدا قال صبرا فأين وصاة أبينا ورحل فمنعوا معبدا الماء وضاروه حتى هلك وقيل بل هو امتنع عن الطعام والشراب حتى مات ذكره في العقد الفريد. وفي أنوار الربيع ان معبدا اسره بنو عامر بن صعصعة فاشترى

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 4  صفحة : 345
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست