responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 4  صفحة : 322

وعن ذكر أيام مضت ومواقف * مكاني منها بين الفضل ظاهر مساع يضل القول فيهن كله * وتهلك في أوصافهن الخواطر بناهن باني الثغر والثغر دارس * وعامر دين الله والدين داثر وأين أبو فراس في شجاعته واقدامه من أحمد بن عبد الله التنوخي في جبنه وتأخره عن المسير مع أبي فراس إلى رعبان جبنا وخوفا.
قال ابن خالويه كان أبو فراس انكر على أحمد بن عبد الله التنوخي الشاعر تأخره عن المسير معه إلى رعبان وكان جبانا فكتب التنوخي إلى أبي فراس قصيدة منها:
ايا بدر السماء بلا محاق * ويا بحر السماح بغير شاطي أأترك ان أبيت قرير عين * لقى بين الدساكر والبواطي واخرج نحو رعبان كأني * بمنبج قد دعيت إلى سماط أحاذر من دواه مؤبدات * هنالك ان يقعن على قماطي واكتب ان كتبت إليك يوما * كتبت إليك من دار العلاطي [1] الوحشة بين أبي فراس وسيف الدولة لا يعرف بين أبي فراس وسيف الدولة شئ من الوحشة قبل أسر أبي فراس في المرة الثانية بل سيف الدولة يعبر عنه بسيدي كما مر وهو الأمير المربي لأبي فراس وأبو فراس يخاطبه خطاب التابع للمتبوع ويتواضع له غاية التواضع كما مر ولا يوجد شئ يمكن ان يفهم منه حصول وحشة بينهما قبل أسر أبي فراس للمرة الثانية الا ما مر عن اليتيمة من أنه كتب إلى سيف الدولة يعاتبه بقوله من أبيات:
قد كنت عدتي التي أسطو بها * ويدي إذا اشتد الزمان وساعدي فرميت منك بغير ما أملته * والمرء يشرق بالزلال البارد لكن جامع ديوان أبي فراس يقول كما مر ان ذلك القتال وقع بينه وبين بني عمه وهو صبي ويظهر للمتأمل في مجاري الأحوال انه كان قد حصل بينهما شئ من الوحشة بعد وقوع أبي فراس في الأسر ولم يشر أحد من المؤرخين إلى ذلك صريحا ولكن يمكن فهمه ضمنا من بعض ما نقلوه قال ابن خالويه تأخرت كتب سيف الدولة عن أبي فراس وهو في الأسر وذلك أنه بلغه ان بعض الاسراء قال إن ثقل على الأمير هذا المال كاتبنا فيه صاحب خراسان وغيره من الملوك وذلك انهم قرروا مع ملك الروم اطلاق اسراء المسلمين بما يحملونه من المال فاتهم سيف الدولة أبا فراس بهذا القول لضمانه المال للروم وقال من أين يعرفه صاحب خراسان من القصيدة التي أولها (أسيف الهدى وقريع العرب) وتأتي في الروميات. فالظاهر أن هذا هو السبب في استيحاش سيف الدولة منه وتأخيره فداءه وهذا السبب كاف في حصول الوحشة والنفرة ويدل عليه قول أبي فراس من قصيدة:
أمثلي تقبل الأقوال فيه * ومثلك يستمر عليه كذب ولكن صاحب اليتيمة يقول إن أبا فراس كتب إلى سيف الدولة:
مفاداتي ان تعذرت عليك فائذن لي في مكاتبة أهل خراسان ومراسلتهم ليفادوني وينوبوا عنك في أمري فاجابه سيف الدولة بكلام خشن وقال ومن يعرفك بخراسان فكتب اليه أبو فراس (أسيف الهدى وقريع العرب) الا ان ابن خالويه اعرف باخبار الأميرين من الثعالبي لوجوده في بلاط سيف الدولة ومزيد خلطته به وبأبي فراس ويمكن ان يكون أحد الوشاة أبلغ سيف الدولة شيئا عن أبي فراس حقا أو باطلا والله أعلم.
والذي يدل على حصول شئ من الوحشة بينهما ان أبا فراس أسرته الروم كما مر سنة 351 من منبج وحملته إلى القسطنطينية فبقي ماسورا فيها أربع سنين وهو يخاطب سيف الدولة في أشعاره ويتوسل اليه في الفداء ويرسل اليه القصيدة تلو القصيدة ويخاطبه في قصائده بما يلين الجلمود فلا يرق له ولا يفديه. وتحضر أمه من منبج إلى حلب تتوسل اليه وتتضرع في فداء ولدها فلا يبذله لها ولا يجيبها اليه ويردها خائبة فتموت وهو في الأسر فيرثيها بمرثية تقطع القلوب ويرسل إلى ولدي سيف الدولة وهو خالهما يتضرع اليهما بكلام يرقق قلوب الأجانب فضلا عن الأقارب ويسألهما ان يسألا أباهما في فدائه فلم يجد ذلك ويستأذنه أبو فراس على رواية اليتيمة لما طال عليه الامر في أن يراسل ملوك خراسان في فدائه فيقول سيف الدولة ومن يعرفه في خراسان ويجيبه بجواب خشن ومن يعرفك بخراسان فهل كان سيف الدولة عاجزا عن فدائه في كل هذه المدة وهو يقطعه منبج التي تغل ألف دينار لبيت يقوله أو ان أبا فراس ليس اهلا لان يفدى. أو ان سيف الدولة لا تعطفه عليه عاطفة رحم ولا غيره وهو ابن عمه وخال أولاده وبمنزلة ولده وقائد جيوشه ومن أسر في سبيل تشييد ملكه والذب عن الوطن والاسلام وهو يعبر عنه بالأمس بقوله سيدي. كل هذا يدلنا على أن في الأمر شيئا. وكتب إلى سيف الدولة من الأسر:
أيا عاتبا لا احمل الدهر عتبه * علي ولا عندي لأنعمه جحد سأسكت اجلالا لعلمك انني * إذا لم تكن خصمي لي الحجج اللد فهل كان يا ترى ذلك العتب في بعض هذه الأمور وقصيدته البائية المتقدمة التي أرسلها إلى سيف الدولة من الأسئار وقد بلغ أبا فراس عن سيف الدولة ما أنكره مملوءة بالعتاب الدال على تهاون سيف الدولة بأمره كقوله فيها:
بمن يثق الإنسان فيما ينوبه * ومن أين للحر الكريم صحاب وما أدعي ما يعلم الله غيره * رحاب علي للعفاة رحاب ولكن نبا منه بكفي صارم * واظلم في عيني منه شهاب فإن لم يكن ود قديم نعده * ولا نسب دون الرجال قراب فأحوط للاسلام ان لا تضيعني * ولي عنك فيه حوطة ومناب أمن بعد بذل النفس فيما تريده * أثاب بمر العتب حين أثاب وقال في بعض ما ارسله إلى سيف الدولة من الأسر:
وان أوجعتني من أعادي شيمة * لقيت من الأحباب أدهى وأوجعا تنكر سيف الدين لما عتبته * وعرض بي تحت الكلام وقرعا وهو يقول في داليته التي قال جامع ديوانه انه يعرض فيها ببعض أهله:
وهل نافعي ان عضني الدهر مفردا * إذا كان لي قوم طوال السواعد وهل انا مسرور بقرب أقاربي * إذا كان لي منهم قلوب الأباعد وفيما كتبه اليه من الأسر قوله:
لكن لم يتعين ان ذلك البعض هو سيف الدولة بل الظاهر أنه غيره.


[1] لعل دار العلاطي هي بأرض الروم فخاف ان يؤسر فيكتب اليه منها.

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 4  صفحة : 322
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست