responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 10  صفحة : 354

هذا ما كان من أمر الخبز ولكن الخبز وحده غير كاف وما حال باقي الأشياء. وجاءني يوما السيد مصطفى مرتضى ابن عمنا وقال يوجد عبادة عن تاجر بغدادي اجرة السنة ست ليرات عثمانية مشروط فيها الاذان لكل ورد والإقامة لكل فرض والقصر والتمام فهل تأخذ منها سنة قلت يكفيني نصف سنة فاحضر لي اجرتها ثلاث ليرات عثمانية وطال المدى باكمالها ولعله استغرق سنة.
واشتريت خاشية عباءة رقيقة باثني عشر قرانا إيرانيا وخيطتها بقران واحد واشترى أحد رفقائنا خاشية رقيقة جدا بليرة إفرنسية ذهبا فكان إذا أراد الجلوس في الصحن يضعها على ركبتيه ويجلس القرفصاء إما انا فاجلس عليها واحمل بها ما أشاء وحالتي المالية أحسن منه وبعد ورودنا النجف بمدة قليلة سافر السيد حسن يوسف العاملي الحبوشي إلى جبل عامل وسكن النباطية التحتا وبعده بمدة يسيرة سافر السيد جواد مرتضى العاملي الجبعي وكان هؤلاء مترجمون في كتابنا أعيان الشيعة.
ومن طريف ما اتفق لي بالنجف انني كنت امشي وأمامي اثنان من العجم من طلبة العلم وبائع العنب ينادي صاير كباب العنب فقال أحدهما للآخر صاير كباب العنب يعني چه يقول متعجبا كيف يصير العنب كبابا والعنب ثمر الكرم والكباب شواء من اللحم. وانما أراد البائع ان العنب ناضج فشبهه بالكباب.
وكان عاملي يدور على العامليين يوم مجئ البريد فيسألهم عن الأخبار ويسألني فيمن يسال فأقول له ان كتبي كلها انشاء وليس فيها اخبار وأتعجب من حماقته واتفق لهذا الرجل ان مرضت زوجته فذهب بها إلى مرزا باقر الطبيب فكتب لها صفة دواء في ورقة وقال أغلها واسقها إياها فتوهم ان مراده غلي الورقة فغلاها وسقاها ماءها فبقيت على حالها وأخبره ان دواءه لم ينفع فقال مرادي ان تغلي الدواء المكتوب فيها لا الورقة. وذهب يوما إلى الحمام ونسي الوزرة تحت ثيابه ولم يشعر بها حتى خرج وجعلت تعوقه عن المشي فخجل من ارجاعها وأبقاها إلى مرة أخرى.
وجاءني في النجف عاملي يقول فلان من العجم يباحث ليلا في الأصول ويرغبني في حضور درسه فحضرت فلم يعجبني بحثه إلى أن قال مرة العلة متقدمة على المعلول قلت في الرتبة فقال بل في الزمان قلت العلة المركبة فقال والبسيطة فتركت درسه.
وجاءني آخر فقال فلان من العرب يباحث في الفقه وهو جد فقيه فوجدت انه لا يحضر درسه الا هو واثنان من العامليين من نوعه وبعض الشروقيين. فقلت له ان أعمى تزوج بمبصرة فقالت له وددت انك كنت بصيرا لترى جمالي وصباحة وجهي فقال لها لو كنت كما تقولين لما تركك البصراء تصلين إلي ولو كان هذا الشيخ كما تقولون لما انحصر تلاميذه في هؤلاء.
وجاءني نجفي يطلب إلي حضور درس بيد صاحبه الأموال المسماة فلوس الهند فقلت لا احضره قال أ ليس صاحبه من أفاضل العلماء قلت بلى ولكن بيده فلوس الهند ولا ارضى لنفسي حضور درس فيه طمع بالمال قال إن فلانا وفلانا من العامليين يحضرونه قلت لهم شأنهم.
وعمل السيد حسن عبد العزيز وليمة لختان أولاده الذين هم من ابنة السيد كاظم ابن عم والدي فدعانا إليها فجلست في ايوان ومقابلي بعض علماء النجف من العرب من أبناء العلماء وفي الايوان الشيخ محمد اللايذ فقال له ذلك العالم لما ذا سموكم بيت الصيقل فغضب وشتمه شتما قبيحا وقال له يا رذيل.
وفي اليوم الثاني تعرض للشيخ محمد جماعة من اتباع العالم فأهانوه ولم اعرف سبب غضبه من ذلك. وكان الشيخ محمد اللايذ هذا لا يزال في حوانيت الكتيبة يطالع وإذا حضر في مجلس يذكر من اخبار الأئمة وكان عنده اطلاع على اخبار العلماء العراقيين والامراء فسمعته يوما يقول كان لملا حسين الحلي شاعر وادي شيخ زبيد صديق من عرب زبيد يسمى حمزة وكان ملا حسين يزوره فيكرمه حمزة فجاء مرة فلم يجده ووجد زوجته واسمها منصورة فأكرمته وقامت بضيافته فقال يمدحها بالزجل العامي المسمى في العراق ميمر:
قلبي يحب زبيد انا من صوره * والهم جيوش عالعدى منصورة وان غاب حمزة خلفته منصورة * تعيض عن كل الرجال وتستر فقالت له منصورة يا ملا حسين الرجال ما يسد ثناياها غيرها ولكن قل عن بعض الرجال.
السيد حسين الصائغ كان السيد حسين من أهل العلم والتقوى والصلاح وكان صائغا لا يصوع الا الذهب ولا يأتمن الناس سواه ومن يأتمنه هو وكان عنده من جميع النقود القديمة لا سيما الاسلامية وكان اعرف الناس بقراءة الخط الكوفي.
وكان عنده الدينار الذي هو الذهب الصيني العتيق المسمى في العراق أبو لعيبة الذي هو مثقال شرعي وأخبرني انه يوازن نصف ليرة عثمانية ذهبية.
وكان عنده مجلس ليلة الأربعاء يقرأ فيه خبر المأتم الحسيني ويدعى فيه جماعة للعشاء ويكون اللحم كثيرا والطعام جيدا على عادة العراقيين في الكرم وكان كثيرا ما يدعو ابن عمنا السيد جواد حفيد صاحب مفتاح الكرامة وللسيد حسين ولد اسمه السيد هادي كان يومئذ صغير السن يشتغل بعلم النحو وهو اليوم من أفاضل العلماء وكان السيد جواد كثيرا ما يقول للسيد حسين من باب المطايبة ما بال اللحم قليلا كأنك اشتريت العظام من صانع الكباب وأمثال هذا الكلام فحلف السيد انه ان تكلم بمثل هذا الكلام لا يدعوه ابدا فدعاه ليلة على هذا الشرط وكان يطلب منه ان يسال ولده في النحو فطلب منه ذلك تلك الليلة فقال له كيف تعرب لنا لحمنا قليل فوثب السيد حسين وقال له ارفع يدك من الطعام فقد أخللت بالشرط.
وكنت يوما عنده في دكانه فجاء اخوه وهو كفيف البصر فقال لي هذا أخي وله نادرة طريفة. كانت لنا أخت مزوجة بابن عم لنا وكان يؤذيها ونحن في جواره فنسمع ذلك ونسكت لأن للنجفيين عادة جميلة في أمر النساء لا يتدخلون بين المرأة من أقربائهم وزوجها بل لم اسمع مدة وجودي في النجف ان امرأة لرجل هي من أهله طلقت قال واتفق انها ماتت فجعلت أبكي فقال لي أخي هذا وهو أكبر مني حسين أ تبكي أ نسيت ما كان يجري على أختنا والله ان عزرائيل ما له دقة مثل هذه الدقة اي ما صنع جميلا مثل ما صنع هذه المرة قال وجاءني رجل بفص خاتم من الفيروزج عليه كتابة كوفية وطلب مني قراءته فقرأته وقلت له مكتوب عليه سبحان

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 10  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست