responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 10  صفحة : 353

هذا في النجف إما في غيرها ففي سامراء رئيس الكل الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي وفي كربلاء الشيخ زين العابدين المازندراني وفي الكاظمية الشيخ محمد تقي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ أسد الله التستري والشيخ محمد ابن الحاج كاظم والسيد مهدي الحيدري والسيد إسماعيل الصدر والسيد حسن الصدر والشيخ مهدي الخالصي وغيرهم كثيرون.
الشيخ حسن المامقاني هذا الرجل من علماء الترك كان حسن الأخلاق جدا صاحب نكتة وظرافة لكنه يظهر الغضب والشدة والعنف لمصلحة. اجتمعت به عدة مرات منها في مسجد الشيخ جعفر وكان يدرس فيه فتكلم رجل من ضعفاء العرب بعيد عن العلم فقال الشيخ خدا بيامرزد صاحب شمسية را رحم الله صاحب الشمسية. وقال في ذلك المجلس خطيب أصوليين وشاهزاده شيرين صاحب المعالم فرمود قال وأمر خطيب الأصوليين والأسد بن الأسود وكان يدرس مرة وتكلم بعض الطلبة واتفق ان سقاء ضاع له حمار فكان ينادي في الزقاق يا من شاف مطي أبيض فقال الشيخ للطالب اسكت لئلا يظنك أنت فيأخذك ومنها انه كنا في مجلس فيه الشيخ فقال انا كنت فقيرا وإذا حصل بيدي خبز وجبن أعدها نعمة كبرى فلما تزوجت عربية وكان متزوجا بعلوية عربية درت علي الأرزاق فصرت آكل شلة الماش ومنها انه جاء لوداع رجل تركي يريد السفر لنا به علاقة نسائية يسمى الشيخ عبد النبي فجرى ذكر ابن أبي الحديد فقال يقولون إنه شيعي وكان يتستر بالاعتزال فقلت هذا ما لا يصح لأنه صرح بالاعتزال في شعره فقال:
ورأيت دين الاعتزال وانني * اهوى لأجلك كل من يتشيع وفي مؤلفه شرح النهج. ولم يسمع ان أحدا من علماء الشيعة أظهر خلاف معتقده في كتاب أو شعر قد يظهر ذلك في كلامه فقال نعم الأمر كما قلت.
وكان يصل بعض العلويات الفقيرات من أرحامنا بواسطة الشيخ عبد النبي المقدم ذكره فلما أراد الشيخ عبد النبي السفر قال له دلني على من أوصل ذلك بواسطته فدله علي وكان لا يعرفني لأنني لا أتعرف إلى من لا استفيد منه علما فقال أريد ان أراه فقال آتي انا وهو إلى داركم فقال هذا ما لا يكون لأن فيه حزازة على السيد فقال نأتي بعد الصلاة قال وهذا أيضا فيه حزازة عليه قال فما الحيلة في ذلك قال نذهب إليه نحن قال متى يكون ذلك لأخبره فلا يخرج من الدار قال هذا فيه مشقة عليه ولكن متى كنت ذاهبا إلى مكان وحاذيت داره فأخبرني لنأتي إليه بدون خبر فاتفق انه كان ذاهبا مرة وحاذى دارنا فأخبره فمنعه ولده من المجئ إلينا لعذر خلقه ثم لما حضرنا لوداعه اخبره عني بالتركية.
جملة مما اتفق لنا ونحن بالنجف من النوادر والحوادث في أول يوم انتقلنا فيه إلى محلة الحويش ذهبت للسوق فاشتريت لحما وجئت لاشتري باذنجان وكنت اعلم أنه رخيص فأعطيت بائعه أقل ما يتمول وهو فلس نحاسي سكة إيران يسمى نصف بول يعادل خمس المتليك العثماني تقريبا وكانت السكة الإيرانية شائعة في العراق فملأ الميزان من الباذنجان فقلت له انا أريد بهذا الفلس فظن اني استقللته فقال لي انه لا يساوي أكثر من هذا. وذكرتني هذه القصة بما جرى لرجل دمشقي كان ذاهبا لزيارة الرضا ع ومعه فرسه فمر بكرمانشاه فرأى بائع بطيخ فأعطاه نصف قران وظن انما يعطيه به بطيخة واحدة فأعطاه أربع عشرة بطيخة فقال له انا أريد بنصف قران فقال لا يكون لك به أكثر من هذا فحمل البطيخ على الفرس وذهب ماشيا.
وفي اليوم الثاني جاءني رجل عاملي عند الظهر من أرحامنا وكنت اعرف من عادته انه يزور في غير وقت الزيارة ويطيل الجلوس بغير فائدة فتناولت المدارك لأنه لم يكن عندي ساعتئذ غيرها وطلبت منه تفسير عبارة فيها فقال ليس هذا وقت تفسير قلت له ليس للتفسير وقت وشرعت في قراءة العبارة فلم يجد بدا من تفسيرها ففسرها فقرأت له عبارة ثانية وطلبت تفسيرها وهكذا فضجر وقام وبعد يومين أو أكثر جاءني في مثل ذلك الوقت فعرفت الدواء فقام ولم يعد.
الحاج احمد الخباز وبعد ما دفعنا اجرة الدار واشترينا بعض الأثاث والمئونة نفد ما معنا من الدراهم وكان الوالد قال لنا انه عند وصولنا للنجف ستلد الفرس بمشيئته تعالى ويبيع فلوها ويرسله لنا فكان الأمر كذلك ولدت فلوا من البغال باعه بست ليرات ذهبية أو أكثر وسلمها للخال ليرسلها إلينا لأنه لم يجد أقرب منه ولا أشفق منه علينا والظاهر أن الخال احتاجها ونسي اننا في غربة واننا في مسيس الحاجة إليها فصرفها ولم يرسل لنا منها شيئا وجاءنا كتاب الوالد يخبرنا بارسالها وجاء البريد فلم نجد لها اثرا وانتظرنا مدة فلم تحضر وطولب الخال بها فلم يجد ولم تحصل منه الا بعد سنين عديدة وضاق بنا الأمر ولم نتعود ان نخبر أحدا بحاجتنا فضلا عن أن نطلب منه ولو قرضا ولكن الله تعالى أبى ان يحوجنا لغير وجهه الكريم وجعل يفتح لنا أبواب الرزق الكفاف من حيث لا نحتسب ومن حيث لا يكون لأحد علينا منة.
فقيل لنا ان هنا خبازا إيرانيا يسمى الحاج احمد دكانه في الزاوية التي هي في الفسحة امام باب القبلة للصحن الشريف فجئنا إليه فوزن لنا خبزا وطلب الثمن فقلنا اجعله دينا فتناول عودا من خشب الصفصاف من حزمة بجنبه وبرى طرفها كبري القلم ورسم عليه علامة بالمداد لئلا يتبدل وكان يفرض للوقية التي هي خمس أواق استانبول فرضا واحدا ولنصف الأوقية نصف فرض فإذا جاء نصف أوقية آخر أكمل الفرض والخبز عنده قسمان عادي وأعلى يسمى خبز مهدي والطلبة مزدحمون عليه ودفتره عيدان الصفصاف بيد كل واحد عود كالذي أعطاني إياه وعليها علامات كمثل علامته كي لا تبدل واستمر بنا الحال على هذا المنوال وكنت أضع ذلك العود في جيبي فانخزق الجيب وسقط العود منها ولم أشعر به وعظم الخطب لأني لم اعلم ما يكون موقف الحاج احمد مني إذا علم بضياع العود الذي هو الدفتر الوحيد ولكن الحاج احمد كان حسن الأخلاق رضي الطبع قد سخره الله تعالى لمعونة الطلاب المعوزين امثالي بآمهالهم بثمن الخبز الذي هو عمدة القوت فتوجهت إليه متكلا على الله مفوضا إليه أمري مشجعا نفسي على الاقدام حاسبا لغضب الحاج احمد ألف حساب فوزن الخبز وطلب مني العود فقلت له والخوف اخذ مني ماخذه قد ضاع فلم يتأثر وقال لي كم فيه من الخطوط قلت لا أدري قال كم تحدس ان فيه قلت كذا فاخذ عودا وخط فيه كما قلت له وأعطاني إياه، وأوصاني ان لا أضيعه. فرحمك الله يا حاج احمد وأسكنك جنته بما صنعته معي.

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 10  صفحة : 353
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست