responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 48

فالتف حوله ناس من أهلها، وأشهر تعاليمه الوصاية والرجعة وكان قوله في الوصاية أساس تأليب أهل مصر على عثمان بدعوى أنه أخذ الخلافة من علي بغير حق وأيد رأيه بما نسب إلى عثمان من مثالب.
ونقول: هذا تضليل في التاريخ وقلب للحقائق فابن سبأ سواء أ صح أنه وضع تعاليم وألف جمعية أم لم يصح فأهل مصر وغير مصر إنما تألبوا على عثمان فيما ذكره الطبري في التاريخ وغيره لأنه أحدث احداثا مشهورة نقمها الناس عليه من تأمير بني أمية لا سيما الفساق منهم وأرباب السفه وقلة الدين وإخراج مال الفئ إليهم وما جرى في أمر عمار وأبي ذر وابن مسعود وغير ذلك. وقال الطبري كان عمرو بن العاص ممن يحرض على عثمان ويغري به كان يقول والله أني لألقى الراعي فأحرضه على عثمان فضلا عن الرؤساء فلما سعر الشر بالمدينة خرج إلى منزله بفلسطين حتى قتل عثمان فخرج مع معاوية يطلب بدمه في صفين. وقال الطبري: كتب جمع من أهل المدينة من الصحابة وغيرهم إلى من بالآفاق إن كنتم تريدون الجهاد فهلموا إلينا فان دين محمد قد أفسده خليفتكم فجاء المصريون وغيرهم إلى المدينة حتى حدث ما حدث. قال ابن أبي الحديد: روى الواقدي والمدائني وابن الكلبي وأبو جعفر الطبري في التاريخ وغيرهم من جميع المؤرخين إن عليا لما رد المصريين رجعوا بعد ثلاث فاخرجوا صحيفة في أنبوبة رصاص وقالوا وجدنا غلام عثمان بالموضع المعروف بالتويت على بعير من ابل الصدقة ففتشنا متاعه فوجدنا هذه الصحيفة ومضمونها أمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بجلد اثنين وحلق رؤوسهما ولحاهما وحبسهما وصلب قوم آخرين من أهل مصر فاقسم عثمان بالله ما كتبته ولا علمته ولا أمرت به فقيل هذا من عمل مروان فقال لا أدري الحديث.
هذا أساس تأليب أهل مصر على عثمان لا قول ابن سبا في الوصاية سواء أ صح قوله في الوصاية أم لم يصح، على أن الوصاية قد عرفت اشتهارها وانتشارها بين الناس حتى قاله بعض أعدائه في شعره ولا أثر لابن سبا في ذلك أبدا مع أنك قد عرفت أن الوصاية لا يراد بها الوصاية بالخلافة وإن أمكن ان يستدل بها على الإمامة فكلامه اشتباه.
قال: وأما الرجعة فقد بدأ قوله بان محمدا يرجع ثم تحول إلى القول بان عليا يرجع وفكرة الرجعة أخذها ابن سبا من اليهودية فعندهم أن النبي الياس صعد إلى السماء وسيعود فيعيد الدين والقانون ووجدت الفكرة في النصرانية أيضا في عصورها الأولى.
ونقول: سواء أ كان ابن سبا أخذ فكرة الرجعة من اليهودية أم من غيرها، فان صحت الرواية بها كانت كأمر تاريخي لا علاقة له بالعقائد الدينية وإن لم تصح لم يقل أحد بها فليست الرجعة مما يجب اعتقاده أو يضر عدم الاعتقاد به كما ستعرف عند تعرضه لها مرة ثانية، ولكن فكرة الرجعة أول من قال بها عمر بن الخطاب: روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن ابن عباس ان النبي ص قال ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا قال عمر من لفلانة وفلانة مدائن الروم إن رسول الله ليس بميت حتى نفتحها ولو مات لانتظرناه كما انتظرت بنو إسرائيل موسى الحديث.
وقال الطبري وابن سعد وغيرهما: لما توفي رسول الله ص قال عمر إن رسول الله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع بعد أن قيل قد مات والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه قد مات اه‌.
قال [1] الاعتراف بالامام والطاعة له جزء من الايمان في نظر الشيعة والامام في نظرهم ليس كما ينظر إليه أهل السنة فعند أهل السنة هو نائب عن صاحب الشريعة في حفظ الدين فهو يحمل الناس على العمل بما أمر الله وهو رئيس السلطة القضائية والإدارية والحربية وليس لديه سلطة تشريعية إلا تفسيرا لأمر أو اجتهاد فيما ليس فيه نص. أما عند الشيعة فللامام معنى آخر هو أنه أكبر معلم فالامام الأول قد ورث علوم النبي ص وهو ليس شخصا عاديا بل هو فوق الناس لأنه معصوم من الخطأ.
ونقول: الاعتراف بالامام والطاعة له واجب في نظر جميع المسلمين وإذا وجب كان جزءا من الايمان قال السعد التفتازاني في شرح العقائد النسفية: الاجماع على أن نصب الإمام واجب وإنما الخلاف في أنه يجب على الله أو على الخلق بدليل سمعي أو عقلي والمذهب أنه يجب على الخلق سمعا لقوله ع: من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية اه. والامام لا يختلف معناه عند جميع المسلمين ممن تسموا بالسنيين والشيعيين لأن علماء الكلام من الفريقين عرفوا الإمامة بأنها رياسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص من الاشخاص نيابة عن النبي ص. ثم هو في تفرقته بين الامام في نظر الشيعة وبينه في نظر السنيين بأنه عند السنيين نائب عن صاحب الشرع إلى قوله ليس لديه سلطة تشريعية لم يأت بفارق لأنه في نظر الفريقين نائب عن صاحب الشريعة في حفظها ويحمل الناس على العمل بأوامر الله وهو رئيس السلطات الثلاث وليس لديه سلطة تشريعية ولكن إذا كان شخصا عاديا كما هو عند غير الشيعة فليس له ان يفسر أمرا بغير ما يفهم منه ولا ان يجتهد فيما ليس فيه نص خصوصا إذا كان غيره اعلم منه فإنه لا يلزم كونه اعلم عند غير الشيعة. وفي العقائد النسفية: لا يشترط أن يكون معصوما ولا ان يكون أفضل أهل زمانه ولا ينعزل بالفسق اه. وإذا كان غير معصوم ولا أعلم فما الذي سوع له الاجتهاد فيما لا نص فيه وما الذي أوجب على الناس قبول اجتهاده واستثناؤه التفسير والاجتهاد من نفي السلطة التشريعية في الأمرين واختيار الناس له لم يغير من ذاته شيئا إنما أكسبه لقب الخليفة أو أمير المؤمنين ولم يكسبه رفع الخطا عن تفسيره واجتهاده. وإذا جاز أن يترك أمر الله لعدم عصمته فكيف يحمل الناس على العمل بما أمر الله وكيف يقبلون قوله. ثم الامام عند الشيعة كما أنه ليس لديه سلطة تشريعية بل هو تابع لتشريع النبي كذلك ليس له أن يجتهد في الأحكام الشرعية فإذا حكم بحكم فيما لم نجد به نصا فليس حكمه باجتهاده بل بالنقل عن النبي عن الله تعالى فان النبي والإمام ليس لهما الاجتهاد في أحكام الشرع عند الشيعة وكذلك إذا فسر الامام شيئا من أمور الشرع خفي علينا فما هو إلا ناقل، إذا فحاصل الفرق الصحيح بين الامام في نظر الفريقين إن الشيعة يشترطون أن يكون أفضل أهل زمانه معصوما من الذنوب ويقولون إن نصبه من قبل النبي. ومن تسموا بالسنيين لا يشترطون كونه أفضل أهل زمانه ويجوزون اجتهاده فيما لا نص فيه وتفسيره الأمور برأيه. وإذا كان ليس له سلطة تشريعية فلما ذا قبل قوله فيما كان على عهد رسول الله ص فقال أنا أحرمه أعاقب عليه وفي إسقاطه حي على خير العمل من الأذان والإقامة وزيادته الصلاة خير من النوم في آذان الصبح.


[1] فجر الاسلام ص 332 الطبعة الرابعة.

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست