اسم الکتاب : نافذة على الفلسفة المؤلف : الساعدي، صادق الجزء : 1 صفحة : 44
إن الفلاسفة وبعد أن
اختلفوا في تحديد مصادر أفكارنا التصورية والتصديقية في أنّها حسِّية أو عقلية أو
كلاهما معاً ، أو شيء آخر ، اختلفوا في قيمتها ومطابقتها للواقع الخارجي ، ومن
أجله ذهب جماعة منهم إلى إنكار الواقع الخارجي بكل تفاصيله منكرين أنفسهم ، ومن
هؤلاء «غورغياس» السوفسطي ومن المنكرين «جورج باركلي» [١] الذي لم يؤمن بوجود شيء ما سوى الأنا
المدْرِكة والصورة المدْرَكة ، ويُسمى باركلي وأنصاره بالمثاليين «ايده اليست Idealists» ، بينما ذهب «أرسطو» ومدرسته وتلامذته ومن سار على خطاه ، إلى
الإيمان بالواقع مطلقاً العيني الخارجي منه وغيره ويُسمى هؤلاء بالواقعيين «رئاليست
Realists».
وجنح جَمع آخر إلى الإيمان بالواقع
الخارجي إيماناً نسبياً ، فالصورة المدركة عندهم مزيجٌ من مادة الإدراك الخارجي
والقوالب والمقولات الجاهزة في الذهن ، فلا تمثل الصورة المدركة الخارجَ بصورة مستقلة
ولا الذهن بصورة مستقلة ، بل للخارج نسبة ونصيب من هذِهِ الصورة ، وللذهن نصيب
ونسبة منها أيضاً وهو ما ذهب إليه «عمانوئيل كانت» [٢] في نظريته النسبية.
[١]. «جورج باركلي George Barckley» «١٦٨٥ ـ ١٧٥٣ م» فيلسوف إنجليزي مثالي مبكر النضوج ، شاعر في
طفولته ، التحق بمدرسة «كلكني» فدرس فيها الرياضيات ثم التحقق بكلية «الثالوث Tinity» فأبدى فيها من الحماسة والخيال ما جعل الآخرين يعتبرونه أكبر
عبقري أو أكبر مخبول ، اشتغل مدرّساً للغة اليونانية عام ١٧١٢ م وكان قسيساً ، وقد
تأثّر باركلي في دراسته بـ «ديكارت» و «لوك».
[٢]. «عمانوئيل كانت Emanuel Kant» «١٧٢٤ ـ ١٨٠٤ م» فيلسوف ألماني ولد في كينجسبرج ، كان والده
سرّاجاً مجتهداً في عمله صدوقاً ، وكانت أمه متدينة ، حريصة على سماع مواعظ (فرانس
شولتس مدير معهد «فريدريك») ومن هنا ألحقت الأم ابنها بهذا المعهد ليدرس فيه ، وبعدها
التحق بجامعة كينجسبرج فدرس الرياضيات والفلسفة وأصول الدين. عُرف «كانت» بدقته
الفائقة في تنظيم مواعيد عمله اليومي كالساعة في تحديد الوقت ، من أشهر كتبه «نقد
العقل العملي» ، «نقد العقل النظري» ، «نقد الحكم العقلي».
اسم الکتاب : نافذة على الفلسفة المؤلف : الساعدي، صادق الجزء : 1 صفحة : 44