اسم الکتاب : نافذة على الفلسفة المؤلف : الساعدي، صادق الجزء : 1 صفحة : 159
وإما أن نفرض لعلةِ الكون علةً أخرى غير
المعلول الأول والعلة الأخرى يفرض لها علة بعدها وهكذا يجري فرض سلسلة علل
ومعلولات متصاعدة وبلا توقف ، وهو المعبّر عنه بالتسلسل ، وهو كالدور باطل ويرجع
السر في بطلانه إلى أن كل حلقة من هذِهِ السلسلة فقيرة ومحتاجة ، فكيف يمنح بعضها
البعض الآخر وجوداً وتحققاً مع فرض أن الجميع مفتقر إلى الوجود والتحقق ، وهل يعقل
أن يمنح الفقير في الوجود نفسه أو غيره غنى الوجود؟! فإذا أمكن للصفر أن يمنح نفسه
أو غيره عدداً من الأعداد أمكن ذلك أيضاً ، وهو محال كما ترى ، لحكم العقل القطعي
بأن فاقد الشيء لا يعطيه.
خرافة أزلية المادة وغناها
وقد تقول : لماذا لا نفترض المادة أزلية
حتى لا نقع في دوّامة البحث عن خالقها وبارئها ، ومن ثم لا نقع في مشكلة الدور
والتسلسل.
وقد رَدَّ المتكلمون والعلماء على الوهم
المزبور بردود شتّى؛ نكتفي منها بما اختاره «فرانك آلن» [١] أستاذ الطبيعة البيولوجية حيث أكّد :
أن أجزاء العالم تتجه إلى حالة تساوي
درجات الحرارة بعد أن تفقد الأجزاء الأكثر حرارة حرارتها لتكون متساوية مع غيرها
في درجة واحدة ، وقد استند في ذلك إلى الأصل الثاني من أصول الثرموديناميك ، والذي
يعُبّر عنه باصطلاح «انتروبي» أو «الاستنزاف والبلى» فالمادة لو كانت أزلية لتساوت
درجة الحرارة
[١]ـ فرانك آلن : ماجستير
ودكتوراه من جامعة كررلل ، أستاذ الطبيعة الحيوية بجامعة مانيتوبا بكندا من سنة
١٩٠٤ ـ ١٩٤٤ ، أخصائي في إبصار الألوان والبصريات الفيسولوجية وإنتاج الهواء
السائل وحائز على وسام ترري الذهبي للجمعية الملكية بكندا.
اسم الکتاب : نافذة على الفلسفة المؤلف : الساعدي، صادق الجزء : 1 صفحة : 159