تخضعان بشكل مباشر
للسيطرة الاستعمارية ، وكانتا مستقلّتان اسميّاً.
في تلك الحقبة المظلمة قام أحد المسلمين
الغيارى وأحد العلماء الأجلاء ، وهو السيد جمال الدين الاسدآبادي «
الافغاني » بحركة نهضوية ، بعد رحلات قام بها في ارجاء العالم الاسلامي
واطّلع من قرب على المحنة التي يعاني منها المسلمون ، فدعى المسلمين إلى
الثورة على واقعهم والخلاص من الانحطاط الذي يعيشونه ، لكن دعوته تلك لم
يستجيب لها احد ، سوى الشيخ محمد عبده ، مفتي الديار المصرية فيما بعد ،
فسافر مع السيد جمال الدين إلى باريس واخذا يصدران من هناك مجلة « العروة
الوثقى » ، وبالمقالات الثورية التي كانا يكتبانها في المجلة التي كانت
ترسل إلى الدول العربية والاسلامية ، كانا يحثان المسلمين على النهوض
والخروج من جمودهم وغفلتهم ، ولأن تلك الكلمات كانت تخرج من قلوب متحرّقة
على الاسلام ووضع المسلمين ، بدأت تجد اثرها في قلوب وعقول الناس شيئاً
فشيئاً ، لكن والدول الاستعمارية التفتتبسرعة إلى الأمر وحالت دون وصول
المجلة إلى البلدان الاسلامية ( الدول التي كانت تخضع للسيطرة البريطانية
والفرنسية ) ، وبهذا فشلت الخطوة الاُولى التي قام بها السيد جمال الدين
لتحرير البلدان الاسلامية ، ولكن هذا الفشل لم يجعله ييأس ، لذلك تحرك
مباشرة من باريس ومعه الشيخ محمد عبده وحلّوا في مصر ، وقاما هناك بتأسيس
جمعية اسمياها « الجمعية الوطنية » ودعيا الشعب المصري للأنخراط في صفوفها ،
ولأن الجمعية لم تكن مثل سائر الجميعات والاحزاب في العالم ، لم يكن فيها
مكان للبذيئين والسارقين والمنافقين ، كانت الجميعية خلافاً لجميع الاحزاب
السياسية لا تسعى لتسلّم السلطة والجلوس على كرسي الحكم ، أو لدعم والحفاظ
على سلطة الآخرين