الآخرين من الطعام ،
ولم يحدد يوماً مكاناً له في مجلس ، حتىٰ انه كان ينهىٰ اصحابه عن ذلك.
وكان يجلس اين ما وجد مكاناً خالياً ، وكان
اذا جلس مع أحد لا ينهض حتىٰ ينهض ذلك الشخص ، لا يقهقه اذا ضحك ، يحترم
الشيوخ والطاعنين في السنّ بما يناسب مكانتهم ، وينظر بعطف الىٰ الصغار ،
لا يقطع كلام أحد ، وهو
ايضاً لا يتكلم الّا عند الضرورة ، لا يجادل في الحديث ، ولا يلوم احد لعيب
فيه ، بل كان يوصيه برفع ذلك العيب علىٰ انفراد ، واذا كان في مجلس وقاموا
بعمل يؤذيه ، كان يتغافل عنه ، لا يتكأ علىٰ شيء عند جلوسه ، يحترم
الاشراف والكبار ، ينقل عبد الملك بن هشام في كتاب « السيرة » : عندما جاء
المسلمون باسرىٰ قبيلة طي الىٰ المدينة ، كانت بينهم ابنة حاتم الطائي ،
فقالت
له : يامحمد ، هلك الوالد وغاب الوافد.
كان ذلك في اليوم الأول الذي التقته فيه
، لكنها لم تسمع جواباً منه ، فستيأست من النتيجة ، وفي ثالث يوم حيث
التقته ، لم تكن تريد الكلام ، لانها لم تجد كلامها مؤثراً ، لكن الامام
علي أمير المؤمنين عليهالسلام اشار اليها بتكراره
، فقالت وللمرّة الثالثة : هلك الوالد وغاب الوافد.
فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : كنت سمعت كلامك
وحررتك ، لكني انتظرت قافلة اطمئن اليها كي اودعك معها حتىٰ تعودي الىٰ موطنك ، فعلمت ابنة
حاتم الطائي انها نالت العفو منذ اليوم الأول ، وعدم اعطاء الجواب كانت انتظاراً
للقافلة تردّها الىٰ موطنها.