اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 87
كلام النبوة الجزئي
الخاص كليا عاما ، ولا الكلى العام جزئيا خاصا ، فيقع من الخطأ وخلاف الصواب ، ما
يقع. والله أعلم.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم
في علاج الخدران الكلى
الذي يجمد معه البدن.
ذكر أبو عبيد في « غريب الحديث » ـ من
حديث أبي عثمان النهدي : « أن قوما مروا بشجرة فأكلوا منها ، فكأنما مرت بهم ريح
فأجمدتهم. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم
: قرسوا [١]
الماء في الشنان ، وصبوا عليهم فيما بين الأذانين » ، ثم قال أبو عبيد : « قرسوا يعنى
: بردوا. وقول الناس : قد قرس البرد ، إنما هو من هذا بالسين ، ليس بالصاد. والشنان
: الأسقية والقرب الخلقان. يقال للسقاء : شن ، وللقربة : شنة. وإنما ذكر الشنان
دون الجرة [٢]
: لأنها أشد تبريدا للماء. وقوله : بين الأذانين ، يعنى : أذان الفجر والإقامة.
فسمى الإقامة أذانا » انتهى كلامه.
قال بعض الأطباء : وهذا العلاج من النبي
صلىاللهعليهوسلم
، من أفضل علاج هذا الداء ، إذا كان وقوعه بالحجاز. وهى بلاد حارة يابسة ، والحار
الغريزي ضعيف في بواطن سكانها ، وصب الماء البارد عليهم في الوقت المذكور ـ وهو
أبرد أوقات اليوم ـ يوجب جمع الحار الغريزي المنتشر في البدن الحامل لجميع قواه ، فيقوى
[٣] القوة
الدافعة ، ويجتمع من أقطار البدن إلى باطنه الذي هو محل ذلك الداء ، ويستظهر بباقي
القوى على دفع المرض المذكور ، فيدفعه بإذن الله عز وجل. ولو أن أبقراط [٤] أو جالينوس أو غيرهما وصف هذا الدواء
لهذا الداء : لخضعت له الأطباء ، وعجبوا من كمال معرفته.