اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 86
وينبث في الأعضاء.
وأما حركة الطبيعة : فلان ترسل ما يجب إرساله من المنى ، على المقدار الذي يجب
إرساله. وبالجملة : فالجماع : حركة كلية عامة ، يتحرك فيها البدن وقواه وطبيعته
وأخلاطه ، والروح والنفس. فكل حركة فهي مثيرة للاخلاط مرققة لها ، توجب دفعها
وسيلانها إلى الأعضاء الضعيفة. والعين في حال رمدها أضعف ما يكون ، فأضر ما عليها
حركة الجماع. قال أبقراط [١]
في كتاب الفصول : « وقد يدل ركوب السفن أن الحركة تثور الأبدان ». هذا مع أن في
الرمد منافع كثيرة ، منها : ما يستدعيه من الحمية والاستفراغ ، وتنقية الرأس
والبدن من فضلاتهما وعفوناتهما [٢]
، والكف عما يؤذى النفس والبدن : من الغضب والهم والحزن ، والحركات العنيفة ، والأعمال
الشاقة. وفى أثر سلفى : « لا تكرهوا الرمد ، فإنه يقطع عروق العمى ».
ومن أسباب علاجه : ملازمة السكون
والراحة ، وترك مس العين والاشتغال بها. فإن أضداد [٣] ذلك يوجب انصباب المواد إليها. وقد قال
بعض السلف : « مثل أصحاب محمد : مثل العين ، ودواء العين ترك مسها ».
وقد روى في حديث مرفوع ـ الله أعلم به ـ
: « علاج الرمد : تقطير الماء البارد في العين ». وهو من أكبر الأدوية للرمد الحار
: فإن الماء دواء بارد يستعان به على طفء حرارة الرمد ، إذا كان حارا. ولهذا قال
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، لامرأته زينب ـ وقد اشتكت عينها ـ : « لو فعلت كما
فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم
، كان خيرا لك وأجدر أن تشفى : تنضحين في عينك الماء ، ثم تقولين : أذهب الباس رب
الناس ، واشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما » [٤].
وهذا مما تقدم مرارا : أنه خاص ببعض
البلاد ، وبعض أوجاع العين. فلا تجعل [٥]