اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 50
الكي [١]. قال : فابتلينا فاكتوينا ، فما أفلحنا
، ولا أنجحنا » ، وفي لفظ « نهينا عن الكي » وقال : « فما أفلحنا ولا أبحعنا [٢] ».
قال الخطابي : « إنما كوى سعدا ليرقأ
الدم من جرحه ، وخاف عليه أن ينزف فيهلك. والكي مستعمل في هذا الباب : كما يكوى من
تقطع يده أو رجله. وأما النهى عن الكي ، فهو : أن يكتوى طلبا للشفاء. وكانوا
يعتقدون : أنه متى لم يكتو هلك ، فنهاهم عنه : لأجل هذه النية. وقيل : إنما نهى
عنه عمران بن حصين خاصة ، لأنه كان به ناصور وكان موضعه خطرا ، فنهى عن كيه. فيشبه
أن يكون النهى متصرفا [٣]
إلى الموضع المخوف منه. والله تعالى أعلم. وقال ابن قتيبة : الكي جنسان : كي
الصحيح لئلا يعتل ، فهذا الذي قيل فيه : « لم يتوكل من اكتوى » ، لأنه يريد أن
يدفع القدر عن نفسه. والثاني : كي الجرح إذا نغل ، والعضو إذا قطع. ففي هذا الشفاء.
وأما إذا كان الكي للتداوي : الذي يجوز أن ينجح ، ويجوز أن لا ينجح ، فإنه إلى الكراهة
أقرب ». انتهى.
وثبت في الصحيح ـ من حديث السبعين ألفا
الذين يدخلون الجنة بغير حساب : « أنهم الذين لا يسترقون ، ولا يكتوون ، ولا
يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون » [٤].
فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع : ( أحدها
) : فعله. ( والثاني ) : عدم محبته له. ( والثالث ) : الثناء على من تركه. ( والرابع
) : النهى عنه.
ولا تعارض بينها ـ بحمد الله تعالى ـ : فإن
فعله يدل على جوازه ، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه. وأما الثناء على تاركه
: فيدل على أن تركه أولى وأفضل. وأما النهى عنه : فعلى سبيل الاختيار والكراهة ، أو
عن النوع الذي لا يحتاج إليه ، بل يفعل خوفا من حدوث الداء. والله أعلم.
[١] وأخرجه أيضا :
أبو داود ، وأحمد. وسنده قوى. اه ق.
[٢] بالأصل : «
أنجحنا » ، وهو تصحيف. وفى الزاد ـ في الموضعين ـ : « أنجعنا » ، وفى أحدهما
تصحيف.