اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 36
وحاربوا الله ورسوله.
فبعث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم
ـ في آثارهم ، فأخذوا : فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، وألقاهم في الشمس حتى
ماتوا ».
والدليل على أن هذا المرض كان الاستسقاء
، ما رواه مسلم في صحيحه ـ في هذا الحديث ـ أنهم قالوا : « إنا اجتوينا المدينة ، فعظمت
بطوننا ، وارتهشت أعضاؤنا » وذكر تمام الحديث [١].
والجوى : داء من أدواء الجوف.
والاستسقاء : مرض مادي ، سببه : مادة غريبة باردة ، تتخلل الأعضاء ، فتربو لها : إما
الأعضاء الظاهرة كلها ، وإما المواضع الخالية من النواحي التي فيها تدبير الغذاء
والاخلاط. وأقسامه ثلاثة : لحمي وهو أصعبها ، وزقي ، وطبلي.
ولما كانت الأدوية المحتاج إليها في
علاجه ، هي الأدوية الجالبة التي فيها إطلاق معتدل ، وإدرار بحسب الحاجة ـ وهذه
الأمور موجودة في أبوال الإبل وألبانها ـ : أمرهم النبي صلىاللهعليهوسلم بشربها. فإن في لبن
اللقاح جلاء وتليينا ، وإدرارا وتلطيفا وتفتيحا للسدد ، إذا كان أكثر رعيها الشيح
والقيصوم والبابونج والأقحوان والإذخر ، وغير ذلك : من الأدوية النافعة للاستسقاء.
وهذا المرض لا يكون إلا مع آفة في الكبد
خاصة [٢] ، أو مع
مشاركة. وأكثرها عن السدد فيها. ولبن اللقاح العربية نافع من السدد ، لما فيه : من
التفتيح والمنافع المذكورة. قال الرازي : « لبن اللقاح يشفى أوجاع الكبد ، وفساد
المزاج ». وقال الإسرائيلي : « لبن اللقاح : أرق الألبان ، وأكثرها مائية وحدة ، وأقلها
غذاء. فلذلك صار أقواها على تلطيف الفضول ، وإطلاق البطن ، وتفتيح السدد. ويدل على
ذلك ملوحته اليسيرة التي فيه لافراط حرارة حيوانية بالطبع. ولذلك صار أخص الألبان
بتطرية الكبد ، وتفتيح سددها ، وتحليل صلابة الطعام [٣] : إذا كان حديثا ، والنفع من الاستسقاء
خاصة : إذا استعمل لحرارته التي
[١] وأخرجه أيضا :
أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة ، وأحمد. اه ق.
[٢] الاستسقاء : مرض
يتميز بانتفاخ البطن نتيجة لوجود سائل مصلى داخل التجويف البريتوني. وأسبابه عديدة
، أهمها : تليف الكبد نتيجة بلهارسيا ، هبوط القلب ، الدرن البريتوني ، إلخ.
وعلاجه ينصب على علاج السبب له ، مع عمل عملية بذل بطن ، لاستخراج السائل في حالة
الشدة. اه د.