اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 293
ولحم الفصيل منه : من ألذ اللحوم
وأطيبها ، وأقواها غذاء. وهو لمن اعتاده بمنزلة لحم الضأن : لا يضرهم البتة ، ولا
يولد لهم داء. وإنما ذمه بعض الأطباء بالنسبة إلى أهل الرفاهية : من أهل الحضر
الذين لم يعتادوه. فإن فيه حرارة ويبسا ، وتوليدا للسوداء. وهو عسر الانهضام.
وفيه قوة غير محمودة ، لأجلها أمر النبي
صلىاللهعليهوسلم
، بالوضوء من أكله ، في حديثين صحيحين : لا معارض لهما. ولا يصح تأويلهما بغسل
اليد : لأنه خلاف المعهود من الوضوء في كلامه صلىاللهعليهوسلم
، لتفريقه بينه وبين لحم الغنم : فخير بين الوضوء وتركه منها ، وحتم الوضوء من لحوم
الإبل. ولو حمل الوضوء على غسل اليد فقط ، لحمل على ذلك قوله : « من مس فرجه
فليتوضأ ».
( وأيضا ) : فإن آكلها قد لا يباشر
أكلها بيده : بأن يوضع في فمه. فإن كان وضوءه غسل يده ، فهو : عبث ، وحمل لكلام
الشارع على غير معهوده وعرفه!!.
ولا يصح معارضته بحديث : « كان آخر
الامرين من رسول الله صلىاللهعليهوسلم
، ترك الوضوء مما مست النار » ، لعدة أوجه :
( أحدها ) : أن هذا عام ، والامر
بالوضوء منها خاص.
( الثاني ) : أن الجهة مختلفة ، فالامر
بالوضوء منها : بجهة كونها لحم إبل ، سواء كان نيئا ، أو مطبوخا ، أو قديدا. ولا
تأثير للنار في الوضوء. أما ترك الوضوء مما مست النار ، ففيه بيان أن مس النار ليس
بسبب للوضوء. فأين أحدهما من الاخر؟ هذا فيه إثبات سبب الوضوء ، وهو : كونه لحم
الإبل. وهذا فيه نفى لسبب الوضوء ، وهو كونه ممسوس النار. فلا تعارض بينهما بوجه.
( الثالث ) : أن هذا ليس فيه حكاية لفظ
عام عن صاحب الشرع ، وإنما هو إخبار عن واقعة فعل في أمرين : أحدهما متقدم على
الاخر ، كما جاء ذلك مبينا في نفس الحديث : « أنهم قربوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم لحما ، فأكل. ثم
حضرت الصلاة ، فتوضأ وصلى. ثم قربوه
اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 293