اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 274
وهو أشدهما حرا ، والأبيض
ألينهما. ومنافعهما كثيرة جدا.
وهما حاران يابسان في الثالثة : ينشفان
البلغم ، قاطعان للزكام. وإذا شربا : نفعا من ضعف الكبد والمعدة ، ومن بردهما ، ومن
حمى الدور والربع ، وقطعا وجع الجنب ، ونفعا من السموم. وإذا طلى به الوجه معجونا
بالماء والعسل : قلع الكلف. وقال جالينوس : « ينفع من الكزاز ووجع الجنبين ، ويقتل
حب القرع ».
وقد خفى على جهال الأطباء نفعه من وجع
ذات الجنب ، فأنكروه. ولو ظفر هذا الجاهل بهذا النقل عن جالينوس ، نزله منزلة النص.
كيف : وقد نص كثير من الأطباء المتقدمين ، على أن القسط يصلح للنوع البلغمي من ذات
الجنب؟!. ذكره الخطابي عن محمد ابن الجهم.
وقد تقدم [١] : أن طب الأطباء بالنسبة إلى طب
الأنبياء ، أقل من نسبة طب الطرقية والعجائز إلى طب الأطباء ، وأن بين ما يلقى
بالوحي وبين ما يلقى بالتجربة والقياس ـ من الفرق ـ أعظم مما بين الفدم والقرم [٢].
ولو أن هؤلاء الجهال وجدوا دواء منصوصا
عن بعض اليهود والنصارى والمشركين ـ من الأطباء ـ : لتلقوه بالقبول والتسليم ، ولم
يتوقفوا عن [٣]
تجربته.
نعم : نحن لا ننكر أن للعادة تأثيرا في
الانتفاع بالدواء وعدمه ، فمن اعتاد دواء وغذاء : كان أنفع له وأوفق ممن لم يعتده
، بل ربما ( لم ) ينتفع به من لم يعتده.
وكلام فضلاء الأطباء ـ وإن كان مطلقا ـ فهو
بحسب الأمزجة والأزمنة ، والأماكن والعوائد. وإذا كان التقييد بذلك لا يقدح في
كلامهم ومعارفهم ، فكيف يقدح في كلام الصادق المصدوق؟! ولكن نفوس البشر مركبة على
الجهل والظلم ، إلا من أمده [٤]
الله بروح الايمان ، ونور بصيرته بنور الهدى.