اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 207
في نفسه أن يتزوجها
إن طلقها زيد ، وكان يخشى من قالة الناس : إنه تزوج امرأة ابنه. لان زيدا كان يدعى
ابنه. فهذا هو الذي أخفاه في نفسه ، وهذه هي الخشية من الناس التي وقعت له. ولهذا
ذكر سبحانه هذه الآية : يعدد فيها نعمه عليه لا يعاتبه فيها ، وأعلمه أنه لا ينبغي
له أن يخشى الناس فيما أحل الله له ، وأن الله أحق أن يخشاه. فلا يتحرج ما أحله له
، لأجل قول الناس. ثم أخبره : أنه سبحانه زوجه إياها بعد قضاء زيد وطره منها ، لتقتدى
أمته ( به ) [١]
في ذلك ، ويتزوج الرجل بامرأة ابنه من التبني ، لا امرأة ابنه لصلبه. ولهذا قال في
آية التحريم : (وحلائل
أبنائكم الذين من أصلابكم) ، وقال في هذه السورة [٢] : (ما كان
محمد أبا أحد من رجالكم) ، وقال في أولها : ( وما جعل أدعياءكم
أبناءكم ، ذلكم قولكم بأفواهكم). فتأمل هذا الذب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ودفع [٣] طعن الطاعنين عنه. وبالله التوفيق.
نعم : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحب نساءه ، وكان
أحبهن إليه عائشة رضي الله عنها. ولم تكن تبلغ محبته لها ولا لاحد ـ سوى ربه ـ نهاية
الحب ، بل صح عنه أنه قال : « لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا ، لاتخذت أبا بكر
خليلا »
، وفى لفظ : « وإن صاحبكم خليل الرحمن ».
( فصل ) وعشق الصور إنما يبتلى به
القلوب الفارغة من محبة الله تعالى ، المعرضة عنه ، المتعوضة بغيره عنه. فإذا
امتلا القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه : دفع ذلك عنه مرض عشق الصور. ولهذا
قال تعالى في حق يوسف : (كذلك لنصرف
عنه السوء والفحشاء ، إنه من عبادنا المخلصين). فدل على أن
الاخلاص سبب لدفع العشق ، وما يترتب عليه : من السوء والفحشاء التي هي ثمرته
ونتيجته. فصرف المسبب صرف لسببه.