اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 194
أسقامهما. ولا مزيد
على ذلك لمن قد أحضر رشده. وبالله التوفيق.
فصل
وأما الجماع والباه ، فكان هديه فيه
أكمل هدى : تحفظ [١]
به الصحة ، ويتم به اللذة وسرور النفس ، ويحصل به مقاصده التي وضع لأجلها. فإن
الجماع وضع في الأصل لثلاثة أمور هي مقاصده الأصلية ، ( أحدها ) : حفظ النسل ، ودوام
النوع الإنساني إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم.
( الثاني ) : إخراج الماء الذي يضر
احتباسه واحتقانه بجملة البدن.
( الثالث ) : قضاء الوطر ، ونيل اللذة ،
والتمتع بالنعمة. وهذه ـ وحدها ـ هي الفائدة التي في الجنة : إذ لا تناسل هناك ، ولا
احتقان يستفرغه الانزال.
وفضلاء الأطباء يرون : أن الجماع من
أحمد أسباب حفظ الصحة. قال جالينوس : « الغالب على جوهر المني : النار والهواء.
ومزاجه حار رطب ، لان كونه : من الدم الصافي الذي تغتذى به الأعضاء الأصلية ».
وإذا ثبت فضل المني ، فاعلم : أنه لا
ينبغي إخراجه إلا في طلب النسل ، أو إخراج المحتقن منه. فإنه إذا دام احتقانه : أحدث
أمراضا رديئة ، منها : الوسواس والجنون والصرع ، وغير ذلك وقد يبرئ استعماله من
هذه الأمراض كثيرا. فإنه إذا طال احتباسه : فسد واستحال إلى كيفية سمية ، توجب
أمرضا رديئة كما ذكرنا. ولذلك تدفعه الطبيعة ـ إذا كثر عندها ـ من غير جماع.
وقال بعض السلف : « ينبغي للرجل أن
يتعاهد من نفسه ثلاثا : ينبغي أن لا يدع المشي ، فإن احتاج إليه يوما ، قدر عليه.
وينبغي أن لا يدع الاكل : فإن أمعاءه تضيق. وينبغي أن لا يدع الجماع : فإن البئر
إذا لم تنزح [٢]
ذهب ماؤها ».