اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 192
الاحتباس. وإن
استفرغ تأذى البدن بالأدوية : لان أكثرها سمية ، ولا تخلو من إخراج الصالح المنتفع
به. ويضر بكيفيته : بأن يسخن بنفسه ، أو بالعفن ، أو يبرد بنفسه ، أو يضعف الحرارة
الغريزية عن إنضاجه.
وسدد الفضلات ـ لا محالة ـ ضارة : تركت
أو استفرغت. والحركة أقوى الأسباب في منع تولدها : فإنها تسخن الأعضاء ، وتسيل
فضلاتها ، فلا تجتمع على طول الزمان ، ويعود البدن الخفة والنشاط ، ويجعله قابلا
للغذاء ، ويصلب المفاصل ، ويقوى الأوتار والرباطات. ويؤمن جميع الأمراض المادية ، وأكثر
الأمراض المزاجية ـ إذا استعمل القدر المعتدل منه [١] في وقته ، وكان باقي التدبير صوابا.
ووقت الرياضة : بعد انحدار الغذاء وكمال
الهضم. والرياضة المعتدلة هي : التي تحمر فيها البشرة وتربو ، ويتندى [٢] فيها البدن ، وأما التي يلزمها سيلان
العرق ، فمفرطة. وأي عضو كثرت رياضته قوى ، وخصوصا على نوع تلك الرياضة. بل كل قوة
فهذا شأنها : فإن من استكثر من الحفظ قويت حافظته ، ومن استكثر من الفكر قويت قوته
المفكرة. ولكل عضو رياضة تخصه : فللصدر القراءة : فليبتدئ فيها من الخفية إلى
الجهر بتدريج. ورياضة السمع : بسمع الأصوات والكلام بالتدريج ، فينتقل من الأخف
إلى الأثقل. وكذلك رياضة اللسان في الكلام. وكذلك رياضة البصر. وكذلك رياضة المشي
بالتدريج شيئا فشيئا.
وأما ركوب الخيل ، ورمى النشاب ، والصراع
والمسابقة على الاقدام ـ فرياضة للبدن كله ، وهى قالعة لامراض مزمنة : كالجذام
والاستسقاء والقولنج.
ورياضة النفوس : بالتعلم والتأدب ، والفرح
والسرور ، والصبر والثبات والاقدام ، والسماح وفعل الخير ، ونحو ذلك : مما ترتاض
به النفوس. ومن أعظم رياضتها : الصبر