اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 19
خطاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نوعان : عام لأهل
الأرض ، وخاص ببعضهم. فالأول : كعامة خطابه. والثاني كقوله : « لا تستقبلوا القبلة
بغائط ولا بول ، ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا أو غربوا ». فهذا ليس بخطاب لأهل
المشرق ولا المغرب [١]
ولا العراق ، ولكن لأهل المدينة وما على سمتها : كالشام وغيرها. وكذلك قوله : « ما
بين المشرق والمغرب قبلة ».
وإذا عرف هذا : فخطابه في هذا الحديث
خاص بأهل الحجاز وما والاهم ، إذ كان أكثر الحميات التي تعرض لهم ، من نوع الحمى
اليومية العرضية ، الحادثة عن شدة حرارة الشمس. وهذه ينفعها الماء البارد : شربا ،
واغتسالا. فإن الحمى حرارة غريبة تشتعل بالقلب ، وتنبث منه [٢] ـ بتوسط الروح والدم في الشرايين
والعروق ـ إلى جميع البدن ، فتشتعل فيه اشتعالا : يضر بالافعال الطبيعية.
وهى تنقسم إلى قسمين : عرضية ، وهى
الحادثة : إما عن الورم ، أو الحركة ، أو إصابة حرارة الشمس أو القيظ [٣] الشديد ، ونحو ذلك. ومرضية ، وهى ثلاثة
أنواع. وهى لا تكون إلا في مادة أولى ، ثم منها يسخن [٤] جميع البدن. فإن كان مبدأ تعلقها بالروح
، سميت : حمى يوم ، لأنها في الغالب تزول في يوم ، ونهايتها ثلاثة أيام. وإن كان مبدأ
تعلقها بأخلاط ، سميت : عفنية ، وهى أربعة أصناف : صفراوية ، وسوداوية ، وبلغمية ،
ودموية. وإن كان مبدأ تعلقها بالأعضاء الصلبة الأصلية ، سميت : حمى دق. وتحت هذه
الأنواع أصناف كثيرة.
وقد ينتفع البدن بالحمى انتفاعا عظيما
لا يبلغه الدواء ، وكثيرا ما يكون حمى يوم وحمى