اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 18
ونحن نذكر الأنواع الثلاثة من هديه صلىاللهعليهوسلم ، فنبدأ بذكر
الأدوية الطبيعية التي وصفها واستعملها ، ثم نذكر الأدوية الإلهية ، ثم المركبة.
وهذا إنما يشير إليه إشارة : فإن رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم
ـ إنما بعث : هاديا ، وداعيا إلى الله وإلى جنته ، ومعرفا بالله ، ومبينا للأمة
مواقع رضاه وآمرا لهم بها ، ومواقع سخطه وناهيا لهم عنها ، ومخبرهم أخبار الأنبياء
والرسل وأحوالهم مع أممهم ، وأخبار تخليق العالم ، وأمر المبدأ والمعاد ، وكيفية
شقاوة النفوس وسعادتها ، وأسباب ذلك.
وأما طب الأبدان ، فجاء من تكميل شريعته
، ومقصودا لغيره : بحيث إنما يستعمل عند الحاجة إليه. فإذا قدر الاستغناء عنه : كان
صرف الهمم والقوى إلى علاج القلوب والأرواح ، وحفظ صحتها ، ودفع أسقامها ، وحميتها
مما يفسدها ـ هو المقصود بالقصد الأول. وإصلاح البدن بدون إصلاح القلب لا ينفع ، وفساد
البدن مع إصلاح القلب مضرته يسيرة جدا ، وهى مضرة زائلة تعقبها المنفعة الدائمة
التامة. وبالله التوفيق.
ذكر القسم الأول وهو العلاج
بالأدوية الطبيعية
فصل في هديه في علاج الحمى
ثبت في الصحيحين ، عن نافع عن ابن عمر ،
أن النبي صلىاللهعليهوسلم
قال : « إنما الحمى أو شدة الحمى من فيح جهنم ، فابردوها بالماء » [١].
وقد أشكل هذا الحديث على كثير من جهلة
الأطباء ، ورآه منافيا لدواء الحمى وعلاجها. ونحن نبين ـ بحول الله وقوته ـ وجهه
وفقهه ، فنقول :
[١] كل حالات
الحميات عند اشتداد الحرارة ، تعالج بالماء بطريقتين : ١ ـ من الخارج على هيئة مكمدات
باردة أو مثلجة ، لغرض تهبيط درجة الحرارة. ٢ ـ تعاطى الماء بالفم بكثرة أثناء
الحميات ، يساعد جميع أعضاء الجسم ـ خصوصا الكليتين ـ على النهوض بوظائفها الحيوية
للجسم اه د.
وأخرج الحديث أيضا : النسائي
وابن ماجة ، ومالك ، وأحمد. و (الفيح) : سطوع الحر وفورانه و « من » : بيانية. وعلى ذلك ما سيأتي في الوجه الثاني ـ من شرح المؤلف للحديث ـ :
من أن الكلام على التشبيه. اه ق.
اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 18