اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 175
فإن شربه ولعقه على
الريق : يذيب البلغم ، ويغسل خمل المعدة ، ويجلوا لزوجتها ، ويدفع عنها الفضلات ، ويسخنها
باعتدال ، ويدفع سددها ، ويفعل مثل ذلك بالكبد والكلى والمثانة. وهو أنفع للمعدة
من كل حلو دخلها. وإنما يضر بالعرض لصاحب الصفراء : لحدته وحدة الصفراء ، فربما
هيجها. ودفع مضرته لهم بالخل ، فيعود حينئذ لهم نافعا جدا. وشربه أنفع من كثير من
الأشربة ، المتخذة من السكر ( أو أكثرها ) [١]
، ولا سيما لمن لم يعتد هذه الأشربة ، ولا ألفها طبعه. فإنه إذا شربها : لا يلائمه
ملائمة العسل ، ولا قريبا منه. والمحكم في ذلك العادة : فإنها تهدم أصولا ، وتبنى
أصولا.
وأما الشراب إذا جمع وصفى الحلاوة
والبرودة : فمن أنفع شئ للبدن ، ومن أكبر [٢]
أسباب حفظ الصحة ، وللأرواح والقوى والكبد والقلب ، عشق شديد له ، واستمداد منه.
وإذا كان فيه الوصفان : حصلت به التغذية ، وتنفيذ الطعام إلى الأعضاء وإيصاله إليها
، أتم تنفيذ.
والماء البارد رطب : يقمع الحرارة ، ويحفظ
على البدن رطوباته الأصلية ، ويرد عليه بدل ما تحلل منها ، ويرقق [٣] الغذاء ، وينفذه [٣] في العروق.
واختلف الأطباء : هل يغذى البدن؟ ـ على
قولين :
فأثبت طائفة التغذية به ، بناء على ما
يشاهدونه : من النمو والزيادة والقوة في البدن به ، ولا سيما عند ( شدة ) [٤] الحاجة إليه.
قالوا : وبين الحيوان والنبات قدر مشترك
من وجوه عديدة ، منها : النمو والاغتذاء والاعتدال. وفى النبات قوة حس وحركة
تناسبه. ولهذا كان غذاء النبات بالماء. فما ينكر أن يكون للحيوان (به) [٤] نوع غذاء ، وأن يكون جزءا من غذائه
التام.