اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 173
على وضعها الطبيعي.
لأنها تنعصر مما يلي البطن بالأرض ، ومما يلي الظهر بالحجاب الفاصل بين آلات
الغذاء وآلات النفس.
وإن كان المراد بالاتكاء الاعتماد على
الوسائد والوطاء الذي تحت الجالس ، فيكون المعنى : أنى إذا أكلت لم أقعد متكئا على
الأوطية والوسائد ، كفعل الجبابرة ومن يزيد؟ الاكثار من الطعام ، لكني آكل بلغة
كما يأكل العبد.
( فصل ) وكان يأكل بأصابعه الثلاث. وهذا
أنفع ما يكون من الاكلات : فإن الاكل بإصبع أو إصبعين لا يستلذ به الآكل ولا يمريه
، ولا يشبعه إلا بعد طول ، ولا تفرح آلات الطعام والمعدة بما ينالها في كل أكلة ، فتأخذها
على إغماض ، كما يأخذ الرجل حقه [١]
حبة أو حبتين أو نحو ذلك ، فلا يلتذ بأخذه ، ولا يسر به. والاكل [٢] بالخمسة والراحة يوجب ازدحام الطعام
على آلاته وعلى المعدة ـ وربما استدت الآلات فمات ـ وتغصب [٣] الآلات على دفعه ، والمعدة على احتماله
، ولا يجد له لذة ولا استمراء. فأنفع الاكل : أكله صلىاللهعليهوسلم.
وأكل من اقتدى به بالأصابع الثلاث.
( فصل ) ومن تدبر [٤] أغذيته صلىاللهعليهوسلم
، وما كان يأكله ـ : وجده [٤]
لم يجمع قط بين لبن وسمك ، ولا بين لبن وحامض ، ولا بين غذائين حارين ، ولا باردين
، ولا لزجين ، ولا قابضين ولا مسهلين ، ولا غليظين ، ولا مرخيين ، ولا مستحيلين
إلى خلط واحد ، ولا بين مختلفين : كقابض ومسهل ، وسريع الهضم وبطيئه ، ولا بين شوى
وطبيخ ، ولا بين طري وقديد ، ولا بين لبن وبيض ، ولا بين لحم ولبن. ولم يكن يأكل
طعاما في وقت شدة حرارته ، ولا طبيخا بائتا يسخن له بالغد ، ولا شيئا من الأطعمة
العفنة والمالحة : كالكوامخ والمخللات والملوحات. وكل هذه الأنواع ضار مولد لأنواع
من الخروج عن الصحة والاعتدال.
وكان يصلح ضرر بعض الأغذية ببعض : إذا
وجد إليه سبيلا ، فيكسر حرارة هذا