اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 153
كذلك ، وحلاوة
الدنيا بعينها مرارة الآخرة. ولان ينتقل من مرارة منقطعة ، إلى حلاوة دائمة ـ خير
له من عكس ذلك.
فإن خفى عليك هذا فانظر إلى قول الصادق
المصدوق : « حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ».
وفى هذا المقام تفاوتت عقول الخلائق ، وظهرت
حقائق الرجال. فأكثرهم آثر الحلاوة المنقطعة ، على الحلاوة الدائمة التي لا تزول ،
ولم يحتمل مرارة ساعة بحلاوة الأبد ، ولا ذل ساعة لعز الأبد ، ولا محنة ساعة
لعافية الأبد. فإن الحاضر عنده شهادة ، والمنتظر غيب ، والايمان ضعيف ، وسلطان
الشهوة حاكم. فتولد من ذلك إيثار العاجلة ، ورفض الآخرة.
وهذا حال النظر الواقع على ظواهر الأمور
وأوائلها ومبادئها. وأما النظر الثاقب الذي يخرق حجب العاجلة ، ويجاوزه إلى
العواقب والغايات ـ : فله شأن آخر.
فادع نفسك إلى ما أعد الله لأوليائه
وأهل طاعته : من النعيم المقيم ، والسعادة الأبدية ، والفوز الأكبر ، وما أعد لأهل
البطالة والإضاعة : من الخزي والعقاب ، والحسرات الدائمة. ثم اختر أي القسمين أليق
بك. و ( كل يعمل على شاكلته ) ، وكل أحد يصبو إلى ما يناسبه وما هو الأولى به. ولا
تستطل هذا العلاج : فشدة الحاجة إليه ـ من الطبيب والعليل ـ دعت إلى بسطه. وبالله
التوفيق.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم
في علاج الكرب والهم والغم والحزن
أخرجا في الصحيحين ـ من حديث ابن عباس ـ
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم
، كان يقول عند الكرب : « لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب
العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ( السبع ) [١] ، ورب الأرض ، رب العرش الكريم ».
وفى جامع الترمذي عن أنس : « أن رسول
الله صلىاللهعليهوسلم
، كان إذا حزبه أمر ، قال :