اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 140
الروحانيين ، والروحاني
والطبيعي. وفى النفث والتفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء ، والنفس المباشر للرقية
والذكر والدعاء. فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه ، فإذا صاحبها شئ من أجزاء
باطنه ـ من الريق والهواء والنفس ـ : كانت أتم تأثيرا ، وأقوى فعلا ونفوذا ، ويحصل
بالازدواج بينهما كيفية مؤثرة ، شبيهة بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدوية.
وبالجملة : فنفس الراقي تقابل تلك
النفوس الخبيثة ، وتزيد بكيفية نفسه ، وتستعين بالرقية وبالنفث [١] على إزالة ذلك الأثر. وكلما كانت كيفية
نفس الراق أقوى ، كانت الرقية أتم ، واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة
بلسعها. وفى النفث [١]
سر آخر : فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة. ولهذا تفعله السحرة ، كما
يفعله أهل الايمان. قال تعالى : ( ومن شر النفاثات في العقد ). وذلك : لان النفس
تتكيف بكيفية الغضب والمحاربة ، وترسل أنفاسها سهاما لها ، وتمدها بالنفث والتفل
الذي معه شئ من ريق [٢]
مصاحب لكيفية مؤثرة. والسواحر تستعين بالنفث استعانة بينة : وإن لم يتصل بجسم
المسحور ، بل ينفث على العقدة ويعقدها ويتكلم بالسحر ، فيعمل ذلك في المسحور [٣] : بتوسط الأرواح السفلية الخبيثة ، فتقابلها
الروح الزكية الطيبة ، بكيفية الدفع والتكلم بالرقية ، وتستعين بالنفث ، فأيهما
قوى كان الحكم له. ومقابلة الأرواح بعضها لبعض ومحاربتها وآلتها ، من جنس مقابلة
الأجسام ومحاربتها وآلتها سواء. بل الأصل في المحاربة والتقابل للأرواح ، والأجسام
آلتها وجندها. ولكن : من غلب عليه الحس لا يشعر بتأثيرات الأرواح وأفعالها
وانفعالاتها ، لاستيلاء سلطان الحس عليه ، وبعده من عالم الأرواح وأحكامها
وأفعالها.
والمقصود : أن الروح إذا كانت قوية ، وتكيفت
بمعانى الفاتحة ، واستعانت بالنفث
[١] كذا بالزاد. وفى
الأصل : « وبالنفس .. وفى النفس ». وهو تصحيف.