إنّ بعض النفوس ، مهما كان عليها غشاوة
ضلال وانحراف إلاّ إنّها تبقى توّاقة إلى الخير والكمال ، فمهما وجدت نوراً تسترشد
به طريق الحقّ أسرعت إليه ؛ لأنّ الضلال لم يخيّم على جميع منافذها ، فتتّخذ من
ذلك البصيص المنفتح على عالم الخير والحقّ طريق هداية وكمال كما هي نفسية الحرّ بن
يزيد الرياحي ؛ فإنّه لمّا سمع الحسين (عليه السّلام) يخطب في ذلك الجيش الضال ، انشرح
قلبه إلى الإيمان والخير ، وأشرقت نفسه بالنور والهداية ، فأسرع إلى قائد الضلال
عمر بن سعد قائلاً : أمقاتل أنت هذا الرجل؟
فأجابة عمر بن سعد : أي والله ، قتالاً
أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي.
فأقبل الحرّ ووقف بين أصحابه وهو يفكّر
في مصيره ، فأخذته مثل العرواء (أي الرعدة) ، فقال له المهاجر بن أوس : يابن يزيد
، والله إنّ أمرك لمريب! ولو قيل : مَنْ أشجع أهل الكوفة لما عدوتك ، فما هذا الذي
أرى منك؟!
فقال له الحرّ : إنّي والله أخير نفسي
بين الجنّة والنار ، ووالله لا