اسم الکتاب : الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام المؤلف : البدري، سامي الجزء : 1 صفحة : 373
وليس من شك فإنّ قضية إخبار النبي صلىاللهعليهوآله بشهادة الحسين عليهالسلام ، وما يرتبط بها من
أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله
في أهل بيته عليهمالسلام
، سوف تكون الشغل الشاغل لهؤلاء الحجّاج ، حيث سينقلونها إلى قرباهم ومَنْ يثقون
به من أصدقائهم ، ومن ثمّ سوف يترقّب الجميع تحقق النبوءة ؛ لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله لا يكذب ، وحين
يصلهم خبر تحقّقها وبشاعة ما جرى على الحسين عليهالسلام
من قبل بني اُميّة وجندهم ، وما ظهر من الحسين عليهالسلام
من إصرار على موقفه في إحياء أحاديث جدّه وتوعية الأمّة بها ، ثمّ تضحيته بكلّ غال
ونفيس من أجل ذلك ، أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر ، ليس من شك أنّ ذلك سيؤدي
إلى انتشار أكبر لتلك الأحاديث. ومن الطبيعي أن يكون ذلك سرّاً في بادئ الأمر ؛
تفادياً لعقوبة النظام وشراسته في هذه المسألة خاصة ، أمّا حين تتصدّع وحدة الدولة
بعد موت يزيد ، ويختلف أهل الشام ، ويقتتلون فيما بينهم كما حصل بين مروان بن
الحكم ومَنْ معه ، والضحاك بن قيس الفهري ومَنْ معه ، وهما من أبرز وجوه النظام
العاملين على تقويمه. ويضاف إلى ذلك استقلال الحجاز والبصرة بقيادة ابن الزبير ، واستقلال
الكوفة وما والاها بقيادة المختار ، واستقلال اليمن بقيادة نجدة الخارجي ، واستقلال
خراسان بقيادة عبد الله بن خازم ، ليس من شك أنّ وضعاً كهذا سوف تغيب فيه رقابة
السلطة على الحديث النبوي الصحيح ، ويبدأ الناس يحدّثون بما عندهم. ومن الطبيعي أن
يكون الحديث المرتبط بأهل البيت وعلي عليهمالسلام
الذي كانت الدولة تلعنه على المنابر ، والحسين عليهالسلام
الذي قُتل وسُيِّر رأسه ورؤوس أهل بيته وأصحابه إلى الشام ، وإخبار النبي صلىاللهعليهوآله بشهادة الحسين عليهالسلام وبكائه عليه منذ
ولادته هو من أهم تلك الأحاديث.
وإذا عرفنا أنّ الدولة الاُمويّة لم
تسترجع قوتها ووحدتها ، ومن ثمّ فرض سياستها السابقة كما كانت عليه زمن معاوية
ويزيد إلاّ بعد عشرين سنة تقريباً ، استطعنا أن ندرك بسهولة كيف أنّ الله تعالى
هيّأ لحركة الحسين عليهالسلام
التبليغيّة القصيرة جدّاً الظرف المناسب ؛ لتمتدّ وتتسع بعد شهادته مدّة عشرين سنة
تقريباً في ظلّ الاختلاف السياسي الشامل
اسم الکتاب : الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام المؤلف : البدري، سامي الجزء : 1 صفحة : 373