اسم الکتاب : الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام المؤلف : البدري، سامي الجزء : 1 صفحة : 228
الناس قد أخذوا
الطرق والمواضع ، فنزلت عن فرسي وتخطَّيتُ رقاب الناس حتّى قربت من باب الفسطاط ، وكان
علي بن الحسين عليهالسلام
داخلاً فخرج وبيده خرقة يمسح بها دموعه وخادم معه كرسيّ ، فوضعه وجلس وهو مغلوب
على لوعته ، فعزّاه الناس. فأومأ إليهم أن اسكتوا ، فسكنت فورتهم ، فقال : «الحمد
لله ربّ العالمين ، مالك يوم الدين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بَعُد فارتفع في
السماوات العلى ، وقرب فشهد النجوى ، نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، وجليل
الرزء ، وعظيم المصائب. أيّها القوم ، إنّ الله وله الحمد ابتلانا بمصيبة جليلة ، وثلمة
في الإسلام عظيمة ، قُتل أبو عبد الله وعترته ، وسبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه
في البلدان من فوق عالي السنان. أيّها الناس ، فأيّ رجالات يسرّون بعد قتله؟ أيّة
عين تحبس دمعها وتضن عن انهمالها؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار
والسماوات والأرض والأشجار والحيتان ، والملائكة المقرّبون وأهل السماوات أجمعون. أيّها
الناس ، أيّ قلب لا ينصدع لقتله؟ أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه؟ أم أيّ سمع يسمع هذه
الثلمة التي ثلمت في الإسلام فلا يُصَمُّ؟
أيّها الناس ، أصبحنا مطرودين مشرّدين ،
كأنّا أولاد ترك أوكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، والله لو
أنّ النبي صلىاللهعليهوآله
تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوه ، فإنّا
لله وإنّا إليه راجعون».
فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان ، وكان
زمِناً فاعتذر إليه فقبل عذره وشكر له ، وترحّم على أبيه [١].
اسم الکتاب : الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام المؤلف : البدري، سامي الجزء : 1 صفحة : 228