بل تكوّنتْ على أثر ذلك التصرّف المشين
فرقة سياسيّة تستهدف آل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بالعداء والبغضاء ، فدبّرت
المؤامرة التي اغتالت عليّاً (عليه السّلام) في محرابه ، وطعنت الحسن (عليه
السّلام) في فسطاطه ، وقتلت الحسين (عليه السّلام) في وضح النهار يوم عاشوراء في
كربلائه كما يُذبح الكَبْش جهاراً أمام أعين الناس ، من دون نكير!
ولم يكن هذان الغلامان بأهونَ من غلامي
الخضر ، إذ لم يكن أبوهما أصلح من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قطعاً.
ولقد جابه الحسينُ (عليه السّلام) بهذه
الحقيقة واحداً من كبار زعماء المعادين لآل محمّد ، والمعروف بنافع بن الأزرق ، في
الحديث الآتي :
[٢٠٣]
قال له الحسين (عليه السّلام) : «إنّي سائلك عن مسألة : (وَأَمَّا
الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَينِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ) [الكهف ، الآية (٨١)].
يابن
الأزرق : مَنْ حُفِظَ في الغلامين؟!
قال
ابن الأزرق : أبوهما!
قال
الحسين (عليه السّلام) : «فأبوهما خيرٌ أم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟»[١].
إنّها الحقيقة الدامغة ، لكن هل تنفع
مَنْ أُشربت قلوبهم بالنفاق ، وغطّى عيونهم الجهل والحقد والكراهية للحقّ؟!
لقد كان من نتائج هذا الضياع أنّه لم
يمضِ على وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) خمسون عاماً حتّى عَدَتْ أُمَّتُه على
«وديعته» و «ريحانته» الحسين ، وقتلته بأبشع صورة!