فبعث
الوليد بن عتبة من ساعته ـ نصف الليل ـ إلى الحسين بن عليّ (عليه السّلام).
إنّ اهتمام يزيد وتأكيده بأخذ البيعة
أوّلاً من الحسين (عليه السّلام) ، واستعجال الوالي بالأمر بهذا الشكل لم يكن إلاّ
لأمر مبيّت ومدبّر من قبل البلاط ورجاله. ولا بُدّ أنّ الإمام (عليه السّلام) كان
قد قدّر الحسابات ، فلّما طلب الوالي منه البيعة رفضها وقال له : «نصبح فننظر ما
يصنع الناس ، ووثب فخرج» كما جاء في نفس الحديث السابق.
ويبدو أنّ الوليد الوالي لم يكن
متفاعلاً بشدّة مع الأمر ، أو أنّه لم يكن متوقّعاً لهكذا موقف من الإمام ، لأنّه
لما تشادّ مع الحسين في الكلام قال الوليد : إن هجنا بأبي عبد الله إلاّ أسداً.
ولكنّها هي الحقيقة التي وقف عليها
معاوية في حياته وأطلقها وإن كان الوليد لم يعرفها إلاّ اليوم.
وتتمة الحديث السابق :
[ص٢٠٠]
: وخرجَ الحسين من ليلته إلى مكّة ، وأصبحَ النّاس وغدوا إلى البيعة ليزيد ، وطُلِبَ
الحسين فلم يوجد[٢].
وهكذا أفلت الحسين (عليه السّلام) من
والي المدينة ، وفيها مروان بن الحكم العدوّ اللدود لآل محمّد ، والذي كان يحرّض
الوالي على قتل الحسين (عليه السّلام) في نفس تلك الليلة إن لم يُبَايع.