اسم الکتاب : الإمام الرضا عليه السلام سيرة وتاريخ المؤلف : الذهبي، عباس الجزء : 1 صفحة : 75
ومما يكشف عن تفاعل الإمام عليهالسلام العميق مع قضية الإمام المهدي (عجل
اللّه فرجه) أن «دعبل الخزاعي» لما أنشده قصيدته العصماء حول أهل البيت عليهمالسلام التي أوَّلها :
مدارس آياتٍ خلت من تلاوة
ومنزلُ وحي مقفر العرصات
فلمَّا انتهى «دعبل» إلى قوله
:
خروج إمام لا محالة خارج
يقوم على اسم اللّه والبركات
يميّز فينا كل حقٍّ وباطل
ويجزي على النعماء والنقمات
بكى الرِّضا عليهالسلام بكاءاً شديداً ، ثم رفع رأسه إلى دعبل
وقال كلاماً مفعماً بشحنة عاطفية كبيرة ، وكاشفاً في الوقت نفسه عن الدور
المستقبلي الكبير الذي يضطلع به الإمام المهدي (عجل اللّه فرجه) ، قال عليهالسلام : « .. يا خزاعيُّ ، نطق روح القدس على
لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟ » فقلت : ـ والكلام
لدعبل ـ لا يا مولاي ، إلاّ أنّي سمعت أن إماماً منكم يُطهّر الأرض من الفساد
ويملأها عدلاً كما مُلئت جوراً.
فقال : « يا دعبل ، الإمام بعدي محمّدٌ
ابني ، وبعد محمّد ابنه عليٌّ ، وبعد عليٍّ ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجّة
القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ، لو لم يبقَ من الدُّنيا إلاّ يومٌ
واحدٌ لطوَّل اللّه عزَّوجلَّ ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما مُلئت
جوراً »[١].
وهكذا نجد أن القضية المهدوية قد اكتسبت
أهمية فائقة في ذكر وسلوك الإمام الرضا عليهالسلام
فقد سبر غورها بعمق وحدد معالمها وقدم الرؤية