اسم الکتاب : الإمام الرضا عليه السلام سيرة وتاريخ المؤلف : الذهبي، عباس الجزء : 1 صفحة : 106
قومه
فأخبرهم أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ كلَّمه وقرَّبه وناجاه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى
سمع كلامهُ كما سمعت .. فاختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربِّه ، فخرج بهم إلى طور
سيناء ، فأقامهم في سفح الجبل ، وصعد موسى عليهالسلام
إلى الطُّور وسأل اللّه تبارك وتعالى أن يُكلّمه ويُسمعهم كلامه ، فكلَّمه اللّه تعالى
ذكره وسمعوا من فوقٍ وأَسفلَ ويمينٍ وشمالٍ ووراءٍ وأمام ، لأن اللّه عزَّوجلَّ
أحدثهُ في الشَّجرةِ ، ثم جعلهُ منبعثا منها حتّى سمعوه من جميع الوجوه.
فقالوا
: لن نؤمنَ لكَ بأَنَّ هذا الَّذي سمعناه كلام اللّه حتى نرى اللّه جهرةً!! فلما
قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا ، بعث اللّه عزَّوجلَّ عليهم صاعقةً
فأخذتهم بظُلمهم فماتوا ، فقال موسى : يا ربِّ ما أقولُ لبني إسرائيلَ إذا رجعتُ
إليهم وقالوا : إنَّك ذهبت بهم فقتلتهم لأنَّكَ لم تكن صادقا فيما ادَّعيت من
مناجاة اللّه إياك؟ فأحياهم اللّه وبعثهم معه ، فقالوا : إنك لو سألت اللّه أن
يُريك أن تنظرَ إليه لأجابك وكنت تُخبرنا كيف هو فنعرفهُ حقَّ معرفته.
فقال
موسى عليهالسلام : يا قوم إنَّ اللّه لا يُرى بالأبصار ولا
كيفيَّة له ، وإنَّما يُعرفُ بآياته ويُعلم بأعلامه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتّى
تسألهُ ، فقال موسى عليهالسلام : يا ربِّ إنّك قد
سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم ، فأوحى اللّه جلَّ جلاله إليه : يا
موسى اسألني ما سألوك فلن أؤاخِذكَ بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى عليهالسلام
: (رَبِّ
أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ
فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ)وهو يهوي (فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ
لِلْجَبَلِ)بآيةٍ من آياته (جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمّا
أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ)يقولُ : رجعتُ إلى
معرفتي بك عن جهلِ قومي (وَأَنا
اسم الکتاب : الإمام الرضا عليه السلام سيرة وتاريخ المؤلف : الذهبي، عباس الجزء : 1 صفحة : 106