وكان اذا أطعم
أصحابه يأتيهم بأجود الطعام ، قال بعضهم : كان أبو عبد الله عليهالسلام ربّما أطعمنا
الفراني والأخبصة ، ثمّ أطعمنا الخبز والزيت فقيل له : لو دبّرت أمرك حتّى يعتدل
يوماك ، فقال : إنما نتدبّر بأمر الله اذا وسّع وسّعنا واذا قتّر قتّرنا.
وقال أبو حمزة :
كنّا عند أبي عبد الله عليهالسلام جماعة فاتينا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا ، وأتينا
بتمر ننظر فيه وجوهنا من صفائه وحسنه [٢].
وكان مع ذلك الشأن
والسنّ يمنع ضيفه من القيام لبعض الحوائج فإن لم يجد أحدا قام هو بنفسه ، ويقول :
نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أن يستخدم الضيف [٣].
ولرغبته في بقاء
الضيف عنده كان لا يساعده على الرحيل عنه ، كما صنع ذلك مع قوم من جهينة ، فإنه
أمر غلمانه ألاّ يعينوهم على الرحلة ، فقالوا له : يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لقد أضفت فأحسنت
الضيافة ، وأعطيت فأجزلت العطيّة ، ثمّ أمرت غلمانك ألاّ يعينونا على الرحلة ،
فقال عليهالسلام : إنّا أهل بيت لا نعين أضيافنا على الرحلة من عندنا [٤].
وكان من حبّه
للبرّ والإطعام والتزاور أن يأمر بها أصحابه تصريحا وتلويحا ، ولربّما كان التلويح
أجمل في الترغيب بالعمل ، حيث يخبر عن حبّه لتلك الخصال الكريمة ، فيقول : لئن آخذ
خمسة دراهم وأدخل الى سوقكم هذه فأبتاع