اسم الکتاب : الدعاء المعاني والصّيغ والأنواع المؤلف : محمّد محمود عبود زوين الجزء : 1 صفحة : 131
كل
شيءٍ رحمةً وعلماً فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم * ربّنا وأدخلهم
جنّات عدن الّتي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم إنّك أنت العزيز
الحكيم * وقهم السّيئات ومن تق السّيّئات يومئذٍ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم )[١]
فإنّك تلحظ في هذه الآيات الكريمة أنّها بدأت بوصف الملائكة المسبّحين بالإيمان واستغفارهم
لمن على شاكلتهم في الإيمان بمعنى أنّه « قد روعي التناسب في قوله : (يؤمنون به) (ويستغفرون للّذين
آمنوا)
كأنّه قيل : ويؤمنون ويستغفرون لمن في حالهم وصفتهم وفيه تنبيه على أن الاشتراك في
الإيمان يجب أن يكون أدعى شيء إلى النصيحة وأبعثه على إمحاض الشفقة وإن للمؤمنين
الأجناس وتباعدت الأماكن » [٢].
ثمّ الملائكة قدّموا قبل الدعاء للمؤمنين الثناء لله تعالى وذلك قوله : (ربّنا وسعت كلّ شيءٍ رحمةً وعلماً ) وهذا أدب رفيع من آداب الدعاء سبقت
الإشارة له في مواضع عديدة ليكون الدعاء أقرب للإجابة وعليه فقد جاء الثناء في
دعاء الملائكة هذا بان وصفوا الله تعالى بـ « الربوبية والرحمة والعلم » [٣] وقد يجد المتدبّر في هذه الآيات سؤالاً
في نفسه حول قائدة قوله تعالى : (وقهم عذاب
الجحيم)
بعد قوله جلّ وعلا : (فاغفر
للّذين تابوا) فالمغفرة تستوجب الوقاية من العذاب والوقاية
تستوجب سبق المغفرة عليها وقد انتبه إلى ذلك الفخر الرازي فأجاب أن « دلالة لفظ
المغفرة على إسقاط عذاب الجحيم دلالة حاصلةعلى الرمز والإشارة فلما ذكروا الدعاء
على سبيل الرمز والإشارة أردفوه بذكره