وهذا يؤيد خبره الآخر ، إذ
أنّه يفيد أنّ ابن الزبير كمن في داره وتحرّز في أصحابه ، فلبث بذلك نهاره وأوّل
ليله وخرج تحت اللّيل ، فلمّا أصبح الوليد بعث إليه فوجده قد خرج ، فبعث ثمانين
راكباً خلفه فلمْ يقدروا عليه فرجعوا فتشاغلوا [بهذ] يومهم [هذا الثاني] حتّى
أمسوا ، فبعث إلى الحسين (عليه السّلام) عند المساء ، فقال : أصبحوا ثمّ ترون ونرى.
فكفّوا عنه تلك اللّيلة ولمْ يلحّوا عليه فخرج من تحت ليلته ، وهي ليلة الأحد
ليومين بقيا من رجب ٥ / ٣٤١.
فالنتيجة : أنّ ابن الزبير
بقي بالمدينة بعد بدء الدعوة يوماً واحداً وفي اللّيل خرج ، والإمام (عليه السّلام)
بقي بها بعد الدعوة يومين وفي اللّيلة الثانية خرج.
وحيث كانت ليلة خروجه (عليه
السّلام) ليلة الأحد ، يكون يوم مكثه يوم الجمعة وليلة السّبت ويوم السّبت ، وتكون
الدعوة مبدؤاً بها في ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة ، وحينئذٍ فيصحّ وصفها بأنّها
: ساعة لمْ يكن الوليد يجلس فيها للنّاس ، ويكون اجتماع ابن الزبير بالإمام (عليه
السّلام) في مسجد رسول الله (ص) صباح يوم الجمعة ، ولعلّه كان بعد صلاة الصبح ، وكان
دخوله (عليه السّلام) إلى مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ـ الذي يرويه أبو
مِخْنف عن المقبري ـ مع رجلين يُعتمد عليهما ، بعد رجوعه من دار الوليد مع رجلين
من رجاله الذين كان قد ذهب بهم إلى دار الوليد.
فالنتيجة : أنّ الدعوة كانت
في ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة لأربع بقين من رجب ، لمْ يكن يجلس فيها الوليد
للنّاس ؛ لأنّها يوم الجمعة ، ولمْ تكن الجمعة يوم عمله.
[١] ٥ / ٣٣٩. قال
هشام بن محمّد عن أبي مِخْنف ... ورواه السّبط بنصّه / ٢٠٣ ، والخوارزمي / ١٨١.
بمعناه ، ولا يُدرى لماذا
الضمير مثنى والرسالة إلى ثلاثة؟ والذي يظهر من نهاية الرواية أنّهم الحسين (عليه
السّلام) وعبد الله بن الزبير فقط ، ولا ذكر لعبد الرحمن بن أبي بكر ، ولا لعبد
الله بن عمر ، فلعلّ عدم ذكر الأوّل كان لوفاته قبل هذا ـ كما سبق ـ ، والثاني
لغيبته عن المدينة ، كما رواه الطبري عن الواقدي ـ ٥ / ٣٤٣ ـ.
والرسول في رواية الخوارزمي ـ
عن ابن الأعثم ـ / ١٨١ ، وكذلك السّبط / ٢٣٥ : عمرو بن عثمان. وفي تاريخ ابن عساكر
ـ ٤ / ٣٢٧ ـ أنّه : هو عبد الرحمن بن عمرو بن عثمان بن عفّان.
[٢] النصّ : «قد
ظننت أرى طاغيتهم». والمرجّح ما ذكرناه.
اسم الکتاب : وقعة الطّف المؤلف : أبو مخنف الازديي الجزء : 1 صفحة : 79