فإنه قد كان ، ولا يزال ، ثمة أناس
يتظاهرون بالزهد ، والإعراض عن الدنيا ، ويدّعون لأنفسهم كرامات ، بل ومعجزات ، ويتفننون
في إطلاق كلمات تعبر عن نظرتهم إلى الدنيا وزهدهم بها.
وهي كلمات تعتمد في الأكثر على تنميق
العبارات ، والتصرف في الكلمات وتركيباتها ، واشتقاقاتها ، فتأتي بعض عباراتهم
طريفة ، وبديعة ، ورنانة ، في أحيان كثيرة ، كما أنها قد تكون على درجة من السقوط
والابتذال أحياناً أخرى ، ولكن بعض العلماء تلقفوا كلماتهم تلك ، وأخذوها بجدية
وسلامة نية ، وحاولوا أن يضعوها في سياق صحيح ومقبول ..
وقد أثمرت جهود أساطين العلم في بلورة
علم شريف متكامل ، له أصوله ، وفروعه ، وضوابطه ، وهو ما يعرف اليوم بعلم العرفان
، الذي كان لجهابذة العلم الإيرانيين القدح المعلى ، وقصب السبق في إنجازه ، ورسم
معالمه ، وتحديد وضبط قواعده ..
وكان ابن عربي هو أحد أركان الصوفية
الذين كتبوا في التصوف والمتصوفة الشيء الكثير ، وقد اشتملت كتاباته أحياناً على
لمحات راقية في مضامينها إلى درجة تثير الإعجاب ، ولكنه يتضاءل ويسفل في كتاباته
أحياناً