اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 2 صفحة : 187
مستهزئاً أو حاكياً أو غافلاً أو متأوّلاً عدم عموم النبوّة ، كالعيسويّة
من اليهود الذين يقولون : إنّ محمّداً نبيّ إلى العرب خاصّة ، فلا يوجب مطلق
التلفّظ بهما الإسلام.
فإن قيل : لو
كان مجرّد الاحتمال كافياً في عدم الحكم بالإسلام مع وجود اللفظ الدالّ عليه ، لم
يتحقّق الإسلام من المتلفّظ بالشهادتين في غير الأذان ؛ لقيام الاحتمال في الجميع.
قلنا : ألفاظ
الشهادتين في الأذان ليست موضوعةً لأن تُعتقد ، بل للإعلام بوقت الصلاة وإن كان قد
يقارنها الاعتقاد. وكذا تشهّد الصلاة لم يوضع لذلك ، بل لكونه جزءاً من العبادة ،
ومن ثَمَّ لو صدرت من غافل عن معناها ، صحّت الصلاة ؛ لحصول الغرض المقصود منها ،
بخلاف الشهادتين المجرّدتين عنهما المحكوم بإسلام مَنْ تلفّظ بهما ، فإنّهما
موضوعتان حينئذٍ للدلالة على اعتقاد قائلهما مدلولَهما وإن لم يكن في الواقع
معتقداً ، فإنّه يحكم عليه بذلك ظاهراً اعتباراً باللفظ الموضوع للدلالة.
وبتقدير انتفاء
الاحتمال والحكم بإسلامه لا يعتدّ بأذانه ؛ لوقوع أوّله في الكفر.
وهل يشترط في
المؤذّن مع الإسلام الإيمانُ؟ ظاهر العبارة عدم اشتراطه ، وينبّه عليه أيضاً حكمهم
باستحباب قول ما يتركه المؤذّن ، فإنّه يشمل بإطلاقه المخالف ، بل هو ظاهر فيه ،
فإنّ غير الناسي من المؤمنين لا يترك منه شيئاً ، بل لو تركه اختياراً ، لم يعتدّ
بأذانه.
وروى ابن سنان
عن أبي عبد الله عليهالسلام «إذا نقص المؤذّن الأذان وأنت تريد أن تصلّي بأذانه فأتمّ ما نقص هو من
أذانه» [١].
والأصحّ اشتراط
الإيمان مع الإسلام ؛ لقول النبيّ : «يؤذّن لكم خياركم» [٢] خرج منه ما
أجمع على جوازه ، فيبقى الباقي.
ولقول الصادق عليهالسلام لا يجوز أن يؤذّن إلا رجل مسلم عارف [٣] ولكونه أميناً. ولرواية معاذ بن كثير الآتي حكمها في
آخر الباب عن أبي عبد الله عليهالسلام «إذا دخل الرجل المسجدَ وهو لا يأتمّ بصاحبه فخشي إن هو أذّن وأقام أن يركع
فليقل : قد قامت