وبذلك يتّضح أنّ
الاستدلال بأنّ العلماء لا يزالون يستدلّون بمثل قوله تعالى : (
السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما )[١] و ( الزَّانِيَةُ
وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا )[٢] على كون المفرد المعرّف بلام الجنس مفيدا للعموم ـ كما في كلام الحاجبي والعضدي
وغيرهما ـ غير ناهض على مطلوبهم ، لاستناد فهم العموم من الآيتين إلى الشرطيّة
المفيدة للسببيّة.
وأمّا المناقشة في
سائر تقارير التبادر بإمكان كون فهم العموم من الأمثلة المذكورة من جهة القرينة لا
من حاقّ اللفظ ، فيدفعها : فرض الاحتجاج بها في موارد القطع بانتفاء القرائن
حاليّة ومقاليّة ، فإنكار التبادر وفهم العموم فيها مكابرة.
وقد يستدلّ أيضا
بقصّة إبن الزبعرى [٣] في اعتراضه على قوله تعالى : ( إِنَّكُمْ وَما
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ )[٤] حيث إنّه لما سمعه قال : لأخصمنّ محمّدا ، ثمّ جاء وقال :
يا محمّد أليس عبد موسى وعيسى والملائكة؟ فأجاب عنه صلىاللهعليهوآله بقوله : « ما أجهلك بلسان قومك أما علمت أنّ « ما » لما لا
يعقل ».
وفي رواية اخرى :
أجاب بأنّ المراد عبادة الشياطين الّتي أمرتهم بعبادة هؤلاء ، فنزل قوله تعالى : ( الَّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ )[٥] وهذا على تقدير صحّة السند أو القطع به في محلّه ، ومرجعه
أيضا إلى الاستدلال بالتبادر غير أنّه تبادر في العرف القديم وما تقدّم تبادر في
العرف الحاضر ، ومن فوائد تطابق العرفين في التبادر قوّة الأصل الّذي يشير إليه
المصنّف فيما بعد ذلك لدفع احتمال تطرّق النقل إلى الألفاظ المذكورة إثباتا
لاتّحاد العرف واللغة فيها ، وتقريب الاستدلال بما ذكر : أنّ ابن الزبعرى كان من
أهل اللسان وقد فهم من لفظة « ما » في قوله تعالى : ( وَما تَعْبُدُونَ )[٦] أمرين :
أحدهما
: أنّ ما يشمل
العاقل وغيره.
وثانيهما
: أنّ الحكم
بواسطتها يشمل جميع مصاديق كلّ من العاقل وغيره الّتي منها موسى وعيسى عليهماالسلام والملائكة ، فانقدح في نفسه الاعتراض لما علمه من أنّ الأنبياء والملائكة لا
يدخلون النار.
ثمّ إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله بناء على الرواية الاولى خطّأه في فهمه الأوّل بقوله : « ما أجهلك