لنا : أنّ السيّد إذا قال لعبده : « لا
تضرب أحدا » فهم من اللّفظ العموم عرفا ، حتّى لو ضرب واحدا عدّ مخالفا. والتبادر
دليل الحقيقة*[١] ؛ فيكون
كذلك لغة ؛
وعدم صحّة السلب
والاطّراد ليكون كاشفا عن الوضع بل من علله وبواعثه ، بمعنى أنّه في زعم هذا
القائل حكمة باعثة للواضع على اختيار وضع هذه الألفاظ للخصوص على وضعها للعموم ،
فيرجع الاستناد إليه إلى ترجيح اللغة بالعقل وهو باطل بالضرورة.
والسرّ فيه : أنّ
الوضع لكونه من فعل الواضع الحكيم فتحقّقه فيما بين كلّ لفظ ومعناه الموضوع له
يتبع حكمة لاحظها الواضع فاختار لأجلها هذا اللفظ لذلك المعنى وهذه الحكمة هي
العلّة الباعثة ، ولا ريب أنّ الواضع حين وضعه لألفاظ العموم لا حظ حكمة البتّة ،
وأمّا كونها تيقّن الإرادة المقتضي لاختيار وضعها [ للخصوص ][١] لا حكمة اخرى دعته إلى اختيار وضعها للعموم لابدّ له من دليل ، ولا يكفيه
الاحتمال ولا دليل عليه من نصّ الواضع ولا حكم العقل.
أمّا الأوّل :
فلعدم بلوغ نصّ من الواضع في ذلك ، وأمّا حكم العقل : فلأنّ بملاحظة قيام احتمال
ملاحظة حكمة اخرى باعثة على اختيار الوضع للعموم لا يحكم بالوضع للخصوص من جهة
تيقّن الإرادة لا بعنوان الجزم ولا بعنوان الظنّ.
وأمّا
بطلان الوجه الخامس : فلأنّ احتمال الوضع لمرتبة غير معيّنة احتمال سخيف لا ينبغي الالتفات إليها ،
مع أنّ الوضع لها يوجب كون الألفاظ بأسرها مجازات بلا حقيقة واللازم باطل ، مضافا
إلى أنّه لو صحّ ذلك لزم كون ألفاظ العموم مفيدة للعموم البدلي بين مراتب الخصوص
وهذا أيضا باطل بضرورة من العرف واللغة.
وأمّا
بطلان الوجه السادس : فلأنّه مع سخافته أيضا يستلزم المجاز بلا حقيقة ، لعدم وقوع استعمال شيء من
ألفاظ العموم في مجموع مراتب الخصوص من حيث المجموع قطّ ، مع أنّ الالتزام بوضعها
لمجموع المراتب ليس بأولى من الالتزام بوضعها للعموم المندرج فيه المراتب.
(١) * هذا ـ مضافا
إلى ما سيأتي من الحجّة التفصيليّة عند البحث عن كلّ صيغة صيغة من صيغ العموم ممّا
اتّفق على كونه للعموم عند أهل القول بوضعها له وممّا اختلف فيه ـ حجّة
[١] وفي المصدر : «
للعموم » وهو سهو من قلمه الشريف ولذا صحّحناه بما في المتن.