وأجازه قوم*[١].
وينبغي تحرير محلّ النزاع أوّلا فنقول :
الوحدة تكون بالجنس وبالشخص. فالأوّل
يجوز ذلك فيه ، بأن يؤمر بفرد وينهى عن فرد ، كالسجود لله تعالى ، وللشمس ،
والقمر. وربّما منعه مانع ، لكنه شديد الضعف ، شاذّ. والثاني إمّا أن يتّحد فيه
الجهة ، أو تعدّد. فان اتّحدت ، بأن يكون الشيء الواحد من الجهة الواحدة مأمورا به
منهيّا عنه ؛ فذلك مستحيل قطعا. وقد يجيزه بعض من جوّز تكليف المحال ـ قبّحهم الله
ـ ومنعه بعض المجيزين لذلك ؛ نظرا إلى هذا ليس تكليفا بالمحال ، بل هو محال في
نفسه ؛ لأنّ معناه الحكم بأنّ الفعل يجوز تركه ، ولا يجوز. وإن تعدّدت الجهة ، بأن
كان للفعل جهتان ، يتوجّه إليه الأمر من إحداهما ، والنهي من الأخرى ، فهو محلّ
البحث ؛ وذلك كالصّلاة في الدار المغصوبة ، يؤمر بها من جهة كونها صلاة ، وينهى
عنها من حيث كونها غصبا ؛ فمن أحال اجتماعهما أبطلها ، ومن أجازه صحّحها.
(١) * تنكير القوم
إشعار بندرة القائل به ، غير أنّ بعض الأعلام عزاه إلى أكثر الأشاعرة ، واستظهره
عن الكليني هنا في كتاب الطلاق [١] حيث نقل فيه كلام الفضل بن شاذان ولم يطعن عليه ، وإلى
جماعة من متأخّرينا كالمحقّق الأردبيلي وسلطان العلماء والمحقّق الخوانساري وولده
المحقّق والمدقّق الشيرواني والفاضل الكاشاني والفضل بن شاذان.
واستظهره عن
السيّد في الذريعة ، وعليه السيّد صدر الدين في شرحه لوافية التوني على خلاف ما
ذهب إليه ما تنها ، وقد يحكى في المسألة قول بالتفصيل فيما بين العقل فلا يمتنع
والعرف فيمتنع ، وقوله الآخر بالتفصيل عن جماعة من متأخّري المتأخرين فيما بين
النفسيّين فأحالوه والغيريّين والملفّقين فأجازوه ؛ وتحقيق
القول في المسألة يستدعي رسم مقدّمات :
المقدّمة الاولى
مورد الأمر
والنّهي ـ وهو العنوان الّذي يرد به الخطاب أصالة ـ إمّا أن يكون متّحدا على معنى
تعلّقهما بعنوان واحد ، أو متعدّدا على معنى تعلّقهما بعنوانين.