فلا
يتصوّر صدورها ممّن جمع شرائط التكليف مع انتفاء الصارف * ،
الصارف ، مع أنّه
لا ينفكّ عنه عند ترتّب الترك عليه ، إذ الصارف على كلّ تقدير من تقادير الترك
لابدّ وأن يتحقّق معه.
إلاّ أن يقال :
بأنّ الترك مع عدم الداعي يستند إليه فقط ، لكون وجود الصارف حينئذ تابعا له.
ويدفعه : أنّ
إرادة الإيجاد على تقدير الفعل غير منوطة بالداعي ، بل هي اختياريّة تجامع كلاّ من
وجود الداعي وعدمه ، فيستند إليها الفعل وهي مستندة إلى الاختيار.
غاية الأمر أنّ
الاختيار قد يتعلّل بوجود الداعي وقد لا يتعلّل به ، وكذلك الترك فإنّه مسبوق بعدم
إرادة الإيجاد لا محالة فيستند اليه دائما ، وهي اختياري يستند إلى الاختيار ،
غايته كون الاختيار ممّا يتعلّل تارة بانتفاء الداعي واخرى بغيره وثالثة لا يتعلّل
بشيء.
وكيف كان ففي كلام
بعض الأفاضل : أنّه قد يكون مجرّد وجود الصارف وعدم الداعي إلى الفعل كافيا في ترك
المأمور به ، من دون حاجة إلى حصول ضدّ من أضداده ، وقد لا يكون ذلك كافيا ما لم
يحصل الضدّ كما إذا نذر البقاء على الطهارة في مدّة معيّنة يمكن البقاء عليها فيها
، فإنّه إذا تطهّر حينئذ لم يكن رفعها إلاّ بايجاد ضدّها ، ومجرّد انتفاء الداعي
إلى البقاء عليها لا يكفي في انتفائها ، فيتوقّف رفعها إذن على وجود الضدّ الخاصّ
، فيكون وجود ذلك الضدّ وهو السبب لترك المأمور به وإن كان مسبوقا بالإرادة ، وكذا
الحال في الصوم بعد انعقاده إن قلنا بعدم فساده بارتفاع نيّة الصوم إلى آخره.
ويمكن دفعه : بأنّ
البقاء على الطهارة عبارة عن الاستمرار على عدم إيجاد سبب الانتقاض ، والصارف عنه
عدم إرادته بالمعنى المقارن للإيجاد وهو ملزوم لإيجاد السبب إن لم يكن عينه فلا
فرق.
* قرينة على أنّ
مراده بالصارف في محلّ البحث هو عدم الإرادة بمعنى العزم المقارن للإيجاد ، لأنّه
الّذي لا يتصوّر معه صدور الأضداد الخاصّة دون الإرادة بمعنى الشوق والميل ، وغرضه
من هذا الكلام تتميم ردّ الاحتجاج المنحلّ إلى ترديد علّية فعل الضدّ للترك بين
وجود الصارف وانتفائه ، فعلى الأوّل يستند الترك إلى الصارف دون الضدّ ، وعلى
الثاني يمتنع وجود الضدّ فضلا عن علّته.
ووجهه : إنّه أيضا
مسبوق بإرادته المقارنة للإيجاد ، ولا يجتمع الإرادتان المقارنتان