ضدّه
» أمرا متناقضا ، كما يعدّ « فعله » و « فعل ضدّه » خبرا متناقضا ؛ وإمّا لأنّه
تكليف بغير الممكن ، وأنّه محال.
والجواب
: إن كان المراد بقولهم : « الأمر بالشيء طلب لترك ضدّه » على ما هو حاصل المعنى :
أنّه طلب لفعل ضدّ ضدّه ، الّذي هو نفس الفعل المأمور به ، فالنزاع لفظيّ ، لرجوعه
إلى تسمية فعل المأمور به تركا لضدّه ، وتسمية طلبه نهيا عنه. وطريق ثبوته النقل
لغة ، ولم يثبت. ولو ثبت فمحصّله : أنّ الأمر
عن الضدّ فيمتنع [١] اجتماع الأمر بالمتباينين إن لم يكن الضدّان نقيضين ، وهذا تكليف ما لا يطاق
فلا يكون الأمر بالشيء والنهي عن ضدّه خلافين ، وإذا بطل الأقسام الثلاثة بطل
التالي.
واجيب عنه ـ كما
في الكتاب المذكور ـ : بأنّ القاضي إن أراد بطلب ترك الضدّ الّذي هو معنى النهي عن
الضدّ طلب الكفّ عن الضدّ نختار أنّهما خلافان ، ونمنع على ذلك التقدير ما جعله
القاضي لازما للخلافين وهو جواز اجتماع الخلاف مع ضدّ الخلاف ومع خلاف الخلاف ،
وذلك لأنّه قد يتلازم الخلافان كالعلّة ومعلولها المساوي لها فيستحيل جواز اجتماع
أحدهما مع ضدّ الآخر وإلاّ يلزم اجتماع الضدّين لأنّ أحدهما لا ينفكّ عن الآخر ،
وكلّما يصدق أحدهما صدق الآخر ، وأيضا قد يكون ضدّ أحد الخلافين ضدّا لخلاف الآخر
كالظنّ والشكّ ، فإنّهما خلافان وكلّ منهما ضدّ العلم فيكون كلّ منهما ضدّ الآخر.
وإن أراد بطلب ترك
ضدّه طلب عين الفعل المأمور به فلا يبقى نزاع في المعنى ، بل رجع المتنازع لفظيّا
في تسمية الفعل بترك الضدّ ثمّ في تسمية طلب ذلك الفعل نهيا.
وثانيهما [٢] : أنّ السكون عين ترك الحركة ، فطلب السكون الّذي هو الأمر بالسكون هو بعينه
طلب ترك الحركة الّذي هو النهي عن ضدّ السكون.
واجيب عنه : بمثل
ما تقدّم من خروج النزاع لفظيّا.
والتحقيق في
الجواب منع العينيّة لكمال المبائنة بين الوجود والعدم إلاّ أن يراد بها التلازم ،
[١] وهذا كما في
النسخة الّتي عندنا وظنّي وقوعه في مكان « فيلزم اجتماع ... إلى آخره » سهوا من
الناسخ وإلاّ لما استقامت العبارة. ( منه عفي عنه ).
[٢] أي ثاني الوجهين
اللذين تمسّك بهما القاضي. ( منه عفي عنه ).