وحقيقة
الوجوب ليست إلاّ رجحان الفعل مع المنع من الترك *. وليس هذا معنى النهي عن الضدّ
الخاصّ ضرورة **.
وأمّا
التضمّن ، فلأنّ جزءه هو المنع من الترك. ولا ريب في مغايرته للأضداد الوجوديّة
المعبّر عنها بالخاصّ.
وأمّا
الالتزام ، فلأنّ شرطها اللّزوم العقليّ أو العرفيّ. ونحن نقطع بأنّ تصوّر معنى
صيغة الأمر لا يحصل منه الانتقال إلى تصوّر الضدّ الخاصّ ، فضلا عن النهي عنه.
ولنا
على انتفائه معنى : ما سنبيّنه ، من ضعف متمسك مثبتيه *** ، وعدم قيام دليل صالح
سواه عليه.
الأوّل مدلولا
للصيغة من باب الوضع العامّ مع الموضوع له العامّ والثاني مدلولا لها من باب
المداليل الحرفيّة ، والوجه في ذلك أنّ الجمع بين هذين الوجهين غير ممكن بوضع واحد
، ولكنّه كما ترى أبعد الاحتمالات ولا أظنّ من الاصوليّين من ظنّه وصار إليه.
* ولا يخفى ما فيه
وفيما سيأتي من بيان ماهيّة الوجوب من المسامحة ، فإنّ الوجوب بمعنى الإيجاب وصف
للآمر مأخوذ فيه الطلب جنسا له والرجحان وصف في الفعل المأمور به ، وهو من لوازم
الطلب والعلل الداعية إليه ، وكذلك لو جعلناه بالمعنى الراجع إلى الفعل فإنّه أيضا
وصف آخر للفعل مبائن لوصف الرجحان مبائنة المعلول لعلّته والمسبّب لسببه ، وكأنّه
أراد به تفسير الوجوب بما هو لازم له ولكنّه لا يلائمه تصريحه الآتي بكونه كالمنع
من الترك جزءا للماهيّة ، وكيف كان فلا يخلو العبارة عن نوع حزازة ولكن الخطب فيه
سهل.
** لأنّ معناه طلب
ترك الضدّ مع المنع عن فعله ، وهذا يبائن المعنى الأوّل جنسا وفصلا كما يشهد به
الضرورة.
*** إذ ليس لهم
سوى وجوب المقدّمة واستلزام تحريم اللازم لتحريم الملزوم ، وكلاهما ممنوعان.
وقد يورد عليه :
بأنّ ضعف متمسّك القوم وعدم وجدان دليل آخر عليه لا يدلّ على انتفائه.
أقصى الأمر قضاء
ذلك بالوقف فكيف يجعل ذلك دليلا على عدم الاستلزام.