أمّا
المطابقة ، فلأنّ مفاد الأمر لغة وعرفا هو الوجوب * ، على ما سبق تحقيقه.
وحاصل الدليل :
أنّه لو فهم من الأمر بالشيء النهي عن ضدّه فإمّا أن يفهم بعنوان أنّه تمام مدلول
الأمر ، أو بعنوان أنّه جزء مدلوله ، أو بعنوان أنّه لازم لمدلوله ، والكلّ باطل.
وقد عرفت سابقا
أنّ هذا الخلاف واقع في الملازمة بين إيجاب الشيء وتحريم ضدّه ، وإيجاب الشيء وإن
لم يكن منحصرا فيما يستفاد من الأمر اللفظي غير أنّ نفي الملازمة بالنسبة إليه
يقضي بنفيها بالنسبة إلى غيره ، وهذه الحجّة وإن كانت لا يجري في جميع موارد
الدعوى إلاّ أنّ الحجّة الآتية في نفي الالتزام المعنوي جارية في الموارد.
* وفي التعبير عن
مفاد « الأمر » بالوجوب دون الإيجاب مسامحة أو وجه اعتباري لا يساعده التحقيق وقد
تقدّم بيان الكلّ في بحث الصيغة ، ولكن جعله مفادا للأمر على وجه المطابقة مع عدم
انحصاره فيه مبنيّ إمّا على وضع الصيغة للإيجاب بانفراده زيادة على وضعها للإسناد
، أو على ما أشرنا إليه في بحث الصيغة من احتمال تفسير الإيجاب بإسناد الفعل إلى
فاعل معيّن من حيث كونه مطلوبا على وجه الحتم والإلزام ، أو جعل الإيجاب بمعنى طلب
الفعل حتما أو مع عدم الرضا بالترك بحيث يتضمّن النسبة الفاعليّة أيضا.
بدعوى : أنّ
الواضع وإن لاحظ الطلب الحتمي ووضع الصيغة بإزائه ، غير أنّه لكونه أمرا نسبيّا
يقتضي مطلوبا منه وهو المنسوب إليه الحدث المطلوب ، كما أنّه يقتضي طالبا فيكون
الموضوع له متضمّنا للنسبة الفاعليّة ، كما أنّه متضمّن للنسبة الطلبيّة ، وذلك
يتصوّر على وجهين :
أحدهما : كون
الموضوع له هو الطلب المقيّد بهاتين النسبتين على وجه يكون القيد خارجا ، فيكون
دلالة الصيغة عليه بيّنا بالمعنى الأخصّ.
وثانيهما : كونه
مجموع المقيّد والقيدين معا أو أحدهما مع خروج الآخر ولزومه بيّنا ، وكلام القوم
خال عن تنقيح هذا المطلب وإن كان يمكن استفادة الأوّل من كلام الجمهور حيث يصرّحون
بكون مدلول الصيغة هو الوجوب أو الإيجاب ، وهو أمر بسيط ليس المنع من الترك جزءا له
بل هو ممّا يلزمه بعد التحليل العقلي ، فتأمّل.
وكيف كان فأقرب
الوجوه الثلاث هو الوجه الأخير ، وربّما يومئ بعض عبارات بعض الأعلام إلى دعوى
الأوّل ، حيث يفرّق بين النسبة الطلبيّة والنسبة الفاعليّة ، بدعوى : كون