responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تعليقة على معالم الاصول المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي    الجزء : 3  صفحة : 526

وهذا بعينه نظير ما يقولون في القضيّة الاخرى من أنّ الوجوب بالاختيار ، لا ينافي الاختيار ردّا على الأشاعرة أيضا القائلة بالجبر ، لأنّ العبد إذا أراد إيجاد فعل بإرادة جزميّة يوجده ويصير ذلك الفعل واجبا عليه غير ممكن تركه فكيف يقال : إنّه مختار بحيث لو شاء فعل ولو شاء ترك ، وإنّما راموا بذلك أنّ وجوب الفعل حينئذ مسبّب عن اختيار الفاعل وإرادته الاختياريّة ، والوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، بمعنى أنّه حين صيّره واجبا كان مختارا في فعله وتركه ، فإذا اختار الفعل صار واجبا فهو لا ينافي كونه مختارا بل يؤكّده ويحقّقه ، وكذا الحال في صورة الامتناع فإنّه لكونه ناشئا عن الاختيار لا ينافيه بل يؤكّده ويحقّقه.

وممّا يشهد بأنّ ذلك هو المراد من القضيّة لا الاختيار بعد الامتناع إطلاقهم إيّاها في حقّ الكافر في ردّ من أنكر كونه مكلّفا بالفروع ، تعليلا بعدم تمكّنه في حال الكفر منها وامتناعها عليه حينئذ ، ضرورة أنّه ليس المراد بالاختيار الثاني هنا هو الاختيار في ثاني زمان الامتناع لعدم صيرورته بالنسبة إلى ذلك ممتنعا ، بل المراد به الاختيار حين الامتناع بمعنى أنّ ما امتنع عليه من العمل الصحيح كان مقدورا له باعتبار قدرته على إزالة الكفر ، فهو من جهة اختياره ترك الإزالة صيّره غير مقدور في حقّه.

فالحاصل الامتناع بالاختيار بالمعنى الّذي فهمه المشهور ينافي الاختيار ، ومعه يقبح التكليف لكونه تكليفا بالممتنع.

فمن هنا ظهر فساد القول بعدم المنافاة مطلقا ، كما يظهر فساد القول بالتفصيل فيما بين الخطاب والعقاب فينافي على الأوّل دون الثاني ، لأنّه إذا كان الخطاب بغير المقدور محالا فالعقاب عليه أيضا قبيح ، كما يشهد به المثال العرفي المتضمّن لذمّ العقلاء آمر المشلول بالقيام وضاربه ، مع أنّ العقاب فرع الخطاب والمفروض انتفاؤه فكذلك العقاب.

نعم لو اريد بالعقاب ما يترتّب على التكليف السابق الّذي سقط عنه لأجل الامتناع فلا ضير فيه ، وأمّا العقاب على ما بعد الامتناع الّذي لا تكليف بالنسبة إليه أصلا فمحال ، إلاّ أن يراد به العقاب المترتّب على تفويت التكاليف عن نفسه ، ولكنّه ليس من العقاب على ما لا خطاب فيه أصلا بل هو أيضا عقاب على ما تعلّق به الخطاب سابقا على التفويت ، وهو تكليفه بأن لا يفوّت التكاليف الآتية عن نفسه عقلا والمفروض تفويته فصار معاقبا.

وأمّا التفصيل الآخر في القضيّة فيما بين بقاء الاختيار وسلبه فلا منافاة على الأوّل خاصّة ، ففاسد أيضا لأنّ عدم المنافاة في الصورة الاولى لو اريد به عدمها في حال امتناع

اسم الکتاب : تعليقة على معالم الاصول المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي    الجزء : 3  صفحة : 526
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست